مشروعات إمداد شبكات المياه التي تواصل تنفيذها (ديم) في محافظتي الظاهرة والداخلية تعكس مدى اهتمام حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بأهمية إيصال المياه (شريان الحياة) إلى المواطن وتلبية احتياجاته واحتياجات مسكنه وقريته، وولايته ومحافظته، حيث جعلت الحكومة مثل هذه المشروعات الحيوية في صدارة اهتمامها منذ وقت مبكر، وضمن أولوياتها الرامية لتوفير الاحتياجات المائية التي تتنامى يومًا بعد يوم، نتيجة للتوسع العمراني والزيادة الطبيعية في عدد السكان وتنفيذ الخطط التنموية المتعاقبة، والأخذ في الحسبان احتياجات المستقبل وزيادة الطلب على هذا الشريان الحيوي، ولا يخفى حجم الجهود المبذولة في هذا الشأن، سواء من خلال مد شبكات المياه أو حفر الآبار أو إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، أو تحلية مياه الآبار المالحة باستخدام تقنية التناضح العكسي وغيرها، وبناء خزانات التغذية للمخزون الجوفي من المياه.
ولأن مصادر المياه هي أكثر ما يحتاجه أهالي محافظات السلطنة لذلك تنهض الحكومة إلى وضع الخطط وتنفيذ المشروعات التي تستوفي هذه الحاجة الضرورية فبدون المياه العذبة تستحيل الحياة في أي مكان من المعمورة.
وانسجامًا مع ما تبعثه قضايا شح المياه وندرتها يأخذ قيمته من قيمة المياه ودورها في الحياة من قلق وهاجس، تعمل (ديم) على ربط شبكات المياه في محافظات السلطنة، حيث تعتزم مد خط أنابيب من محطة تحلية المياه بولاية صحار إلى محافظة الظاهرة نهاية العام الجاري، ويشتمل المشروع على إنشاء خطوط نقل مياه رئيسية بطول إجمالي (222 كم) و(9) خزانات خرسانية بسعة تخزينية إجمالية (451,000 م3) في كل من صحار ومحضة وعبري وضنك، على أن يعمل الخط الجديد بمسار أنابيب موازٍ لمسار خط ناقل المياه الحالي من الممتد من صحار وحتى البريمي، ويترافق مع ذلك مشروع إنشاء شبكات لتوزيع المياه بمحافظة الداخلية في ولايتي بهلا وتغطية قرى الولايتين.
إن هذه المشروعات الحيوية والعملاقة الجاري والتي سيجري تنفيذها لنقل المياه بين الولايات وربط الشبكات بالآبار وخزانات المياه العملاقة، وكذلك دعم محطات التحلية لتشكل جميعها منظومة متكاملة تصب في نفس الاتجاه لقهر تحديات الظروف التضاريسية والمناخية التي تعيشها السلطنة بصفتها إحدى الدول الواقعة في الحزام الصحراوي العالمي.
كما أن المحافظات وولاياتها التي حظيت وستحظى بالمزيد من مثل هذه المشروعات المائية تشير إلى عدالة التوزيع للخدمات على خريطة السلطنة باختلاف درجات القرب والبعد وامتداد المسافات، حيث إن استراتيجية المياه القائمة تشمل جميع محافظات السلطنة، وهي الاستراتيجية التي تعتمد توفير مياه الشرب بمختلف الوسائل المتاحة وباستخدام أحدث تقنيات استخراج وتحلية المياه لتكوين احتياطي مائي للبلاد، سواء للاستهلاك اليومي أو لتكوين رصيد ملائم لمواجهة أية طوارئ أو تقلبات مناخية.
على أن الجهد الحكومي المستمر والمتواصل في هذه المجالات لا يكفي بمفرده لتحقيق الأهداف المنشودة، فلا بد من مشاركة الجميع لأن قضية المياه تتعلق بشكل مباشر بكل فرد، ولا بد من استثارة الوعي العام بأبعاد أي أعمال إنشائية، وقيمة المياه ودورها في الحياة وأهمية الحفاظ عليها، والترشيد في استخدامها.
المصدر: اخبار جريدة الوطن