احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / رأي الوطن : مواقف أميركية .. توكيد الثابت

رأي الوطن : مواقف أميركية .. توكيد الثابت

على الرغم من الحضور الأميركي الطاغي في مسار الصراع العربي ـ الإسرائيلي، واعتبار الولايات المتحدة أحد الرعاة لملف عملية السلام، سواء على المستوى الفردي كدولة تتميز بعلاقة تحالف استراتيجي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وقدرتها على التأثير في السياسة الإسرائيلية وصياغة القرار الإسرائيلي، أو على المستوى الجماعي كعضو مع الأطراف الدولية الفاعلة، كما هو حال اللجنة الرباعية الدولية. إلا أن هذا الحضور الأميركي لم يتعدَّ وضع إدارة الصراع بين الأفرقاء الفلسطينيين والإسرائيليين في حين، وفي أحوال مستمرة يتجاوز حالة الإدارة المتمظهرة بالحياد شكليًّا إلى انحياز مطلق.
لقد مارست الولايات المتحدة تلك الأدوار الآنفة الذكر نيابة عن حليفها الاستراتيجي كيان الاحتلال الإسرائيلي مراعية في ذلك الظروف السياسية التي كانت تسود المنطقة تجاه ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي والوعي الوطني القومي الشعبي، وحالة التعاطف والتأييد الكبيرين للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ومقاومته الوطنية، بالإضافة إلى النظرة العربية الرسمية والشعبية إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي هو العدو الأول والأوحد لدول المنطقة قاطبة، وأنه بسياساته العدائية وانتهاكاته لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة وجرائم حربه، وتنصله من الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، يمثل التهديد الأكبر لاستقرار المنطقة وسلامها وأمنها. لكن هذه النظرة أخذت تختفي من قاموس العروبة والقومية والنضال من أجل الأرض والعرض والكرامة والشرف بدءًا من تفجر ما سمي كذبًا بـ”ثورات الربيع العربي” وحتى الآن.
ولعل ما يؤكد ذلك التغير اللافت في السياسة الأميركية في تعاطيها مع ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وتخلي واشنطن عن أسلوب إدارة الصراع والانطلاق نحو المكاشفة والمصارحة بتأييد كل خطوة يخطوها كيان الاحتلال الإسرائيلي، بل والدفاع عنه في المحافل الدولية، وأنها معنية تمامًا بما تؤكده مرارًا وتكرارًا بأنها ملتزمة بأمن كيان الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عنه. وما الخطوات التي خطتها إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب، والمواقف التي أبدتها دفاعًا وتأييدًا سوى دليل بيِّن على تبني خيار المصارحة والتخلي عن التخفي وراء وعود جوفاء، ودون شك أن ما شجع الولايات المتحدة على ذلك هو الهرولة غير المحسوبة نحو التطبيع المجاني مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.
لذلك لا نستغرب أن تتحدث شخصية أميركية في مستوى جاريد كوشنر مستشار الرئيس ترامب عن عدم وثوقه من أن بمقدور إدارة ترامب عرض أي شيء “فريد” لحل الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وذلك وفقًا لموقع “تايمز أوف إسرائيل”.
المشكل هو أنه كلما طال الضغط على العرب وتجاهل حقوقهم المشروعة ازداد المتطرفون في الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي تطرفًا وعنفًا، وطوروا تطرفهم إلى أساليب ووسائل متعددة للنيل من الشعب الفلسطيني وحقوقه. فكيف بواقع الحال الآن الذي اختفت فيه الضغوط، وتحول المطبعون طائعين إلى حلفاء وأصدقاء للمحتل الإسرائيلي؟
ولأن ذاكرة العالم والعرب ضعيفة وتضعف أكثر كلما اقتربا بذاكرتهما من حلبة الصراع في الشرق الأوسط فإننا نذكر بالمواقف التي تبسطت فيها عواصم داعمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي على رأسها واشنطن في مواجهة التطرف الصهيوني سواء في مجلس الأمن الدولي أو في المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، أو الإعلان عن عزمها نقل سفارتها إلى القدس المحتلة، أو تعيين سفير أميركي إسرائيلي الأصل والهوى وغير ذلك من التحركات الدالة على التحول الكبير الذي يشهده ملف الصراع العربي ـ الإسرائيلي والذي يؤذن بتطورات لا تخدم المنطقة واستقرارها.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى