يشكل الإنسان الأساس الرئيسي من أساسيات التنمية، حيث يقوم الفكر التنموي في أي بلد كان على قدرات المواطن، حيث يمثل هذا المواطن الثروة الاقتصادية والاجتماعية، فبرقي هذا المواطن يقاس تقدم أمته، وبقدر وعيه بوطنه ومشاكله وتحدياته بقدر ما ستكون السعادة عنوانًا لهذا الوطن، وبقدر نضج المواطن وإلمامه بحقوقه وواجباته بقدر ما سيمد يده للمساعدة في بناء وطنه، وسيكون دومًا على استعداد للمشاركة في تحمل المسؤولية الاجتماعية التي تقود الوطن ومقدراته نحو تنمية شاملة تفتح الآفاق لمستقبل مزهر للأجيال القادمة.
وهذا ما أدركه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ واعتمد عليه في تحقيق هذا الإنجاز الهائل في النهضة المباركة، حيث كان الإنسان العماني منذ الوهلة الأولى في عصر النهضة العمانية هو أساسها وغايتها، فبسواعده بنيت الصروح التي عادت إليه ثمراتها؛ لذا فقد جاء الفكر السامي ساعيًا لتأهيل الشباب العماني في كل ربوع البلاد، علميًّا وخلقيًّا ودينيًّا، ليكون هؤلاء الشباب نواة النهضة وأسباب ديمومتها، وحرص بجانب تسليحهم بعلوم المستقبل، على زرع القيم الإسلامية النبيلة مثل العطاء والعمل الخيري، وحرص بتوجيهاته السامية على غرس تلك المبادئ وتأصيلها، لتكون استثمارًا في بناء المستقبل، وإقامة تنمية مستدامة تصنع الفارق.
حيث يمثل العمل الخيري والتطوعي رافدًا أساسيًّا للتنمية الشاملة المستدامة، ويعكس مدى وعي المواطن لدوره في نهضة بلاده ورفعتها، لذا تحرص الدول المتقدمة على إدراج العمل التطوعي كعلم يدرس في المدارس والمعاهد والجامعات والدورات التدريبية للجهات الحكومية، والفرق التطوعية التابعة لمنظمات المجتمع، وطرح مفهومه وأهدافه ومجالاته في العديد من الإصدارات، سواء كانت كتبًا أو دوريات، فهو دور وطني لا يقل أهمية عن سعي الحكومات لتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، وتوفير فرص العمل للشباب، وتحقيق العدالة في توزيع الدخل، وتحسين مستويات التعليم والصحة، وتعميم قيم حب المعرفة وإتقان العمل، فهذا الدور يتخطى ذلك كله على أهميته؛ فالحرص على العمل الاجتماعي يكسب أفراد المجتمع ميزة إشراك جميع الفئات في تحقيق النهضة بالمجتمع وديموماتها.
وعلى هذه الخطى تسير السلطنة بفكر سامٍ، يسعى إلى إكساب الفرد أو المواطن شعورًا بالمسؤولية تجاه وطنه ومجتمعه، يعود بالفائدة على الجميع، وما يعكس هذا التوجه هو الملتقى الكبير الذي احتضنته قاعة جامع السلطان قابوس بصحار، وهو ملتقى الفرق التطوعية الأول تحت شعار “بعطائي أبني وطني” وذلك بمشاركة الفرق التطوعية التابعة للجان التنمية الاجتماعية على مستوى محافظتي شمال وجنوب الباطنة، وتأتي إقامة الملتقى ضمن فعاليات أسبوع العمل الاجتماعي لصيف 2017م، ويهدف الملتقى إلى تعريف المشاركين بأهم الآليات والأطر المالية في نشاطات الفرق بجانب تبادل الخبرات والأفكار الإبداعية في مجال خدمة المجتمع، كما يأتي الملتقى ضمن خطة وزارة التنمية الاجتماعية الإنمائية، ويشتمل على مجموعة من البرامج المجتمعية الهادفة التي تركز على قضايا مجتمعية ذات أهمية بالغة منها تحفيز العمل التطوعي، ومناقشة الأمور المالية وآليات عمل تلك الفرق التي تقوم بأنشطة تطوعية في مختلف ولايات محافظتي شمال وجنوب الباطنة، ما سيكون له من الأثر العظيم في غرس ثقافة العمل التطوعي ونشرها بين الشباب، ما يقيهم ويقي المجتمع شر أمراض اجتماعية تجد من الفراغ الشبابي فرصة للتمكن من المجتمع ومن شبابه.
المصدر: اخبار جريدة الوطن