على وقع التطورات والتحولات الميدانية التي يسطر إنجازاتها ويصنع بطولاتها الجيش العربي السوري في مواجهة فلول الإرهاب وداعميهم وتطهير المناطق السورية من رجسهم، يعاود وزير الخارجية الأميركي جون كيري اللقاء مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في جولة جديدة بعد الإفشال الأميركي لما وصف بـ”الاتفاق” بين موسكو وواشنطن بشأن الحل في سوريا وخاصة في مدينة حلب الشهباء.
في جذر فهم الأحداث الميدانية وتقدم الجيش العربي السوري وسيطرته المتدحرجة على العديد من المناطق المهمة والاستراتيجية واللافتة بسرعتها في جبهات القتال، يعد هذا التقدم هو نتيجة طبيعية ورد فعل منطقي على مساعي التخريب والتدمير والتعطيل والإفشال التي تبناها معسكر التآمر والعدوان على سوريا بقيادة الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الالتزام الأخلاقي والشرعي والقانوني للجيش العربي السوري وللحكومة السورية الشرعية المنتخبة من الشعب السوري بالقيام بدورهما في تجنيب الشعب السوري ويلات الإرهاب وردع المعتدين عنه وعن سوريا، وبذل كل ممكن لتطهير التراب السوري من رجس الإرهاب، وإفشال محاولات التقسيم والتدمير والتخريب. فالانتصارات التي يواليها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في حلب بدءًا من الكليات إلى الدباغات والمسلخ لتتبعها الراموسة، وفي حماة باستعادته السيطرة على بلدة زور المسالق وزور الجديدة وما قبلها من قرى مهمة، في وقت تحتدم فيه المعارك في منطقة الباب وتتناغم مع تلك الانتصارات عدة مناطق في درعا، وغوطة دمشق الشرقية، هي بلا شك انتصارات تغيظ معشر المتآمرين وترفع منسوب الأحقاد والكراهيات؛ لما لها من انعكاسات مدمرة على الجانب النفسي والمعنوي للتنظيمات الإرهابية وللمتآمرين الداعمين، ما يدفعهم إلى مضاعفة دعمهم للدفع بالمزيد من العناصر التكفيرية والإرهابية والظلامية والمرتزقة في محرقة الإرهاب التي أوقدوها ولا يزالون يؤججونها ويذكون نارها، ولكنها في المقابل هي انتصارات لها مفاعيلها على الميدان بالنسبة للجيش العربي السوري وفي السياسة للدولة السورية وحلفائها، وإلى جانب هذه الانتصارات تأتي المصالحات الوطنية الرائعة لتضيف بُعدًا آخر للجهود القائمة، سواء للجيش العربي السوري أو للدولة السورية وحلفائها ككل، ما يعطيها ثقة أعلى ومصداقية أكبر في ما تقوم به من أدوار لحماية شعبها ومد يدها لأبنائها الذين تمردوا وتآمروا عليها وعَضُّوا يديها الممدودتين تحت تأثير التغرير أو الإغراء. فزخم المصالحات في داريا والمعضمية وغيرهما بقدر ما يعبِّر عن التحول في الوعي لدى المغرر بهم من الشباب السوري بقدر ما يعبِّر عن مدى اليأس الذي بدأ يضرب عميقًا في مفاصل بعض التنظيمات الإرهابية التي تمثل العمود الفقري للمؤامرة الإرهابية التي تستهدف سوريا؛ ولذلك محاولة تدخل فلول الإرهابيين والتكفيريين والمرتزقة المجلوبين من الخارج من أصحاب السوابق في الإجرام والسرقات والمخدرات والقتل والتكفير والعنف وغير ذلك لمنع المصالحات والتسويات في عدد من الأحياء وتهديدهم بالقتل، مع ما تمارسه الدبلوماسية الأميركية ومسؤولوها وأتباعها من أدوار تعطيلية وتخريبية للمساعي السياسية لحل الأزمة السورية، يثبت أن حجم المؤامرة المحاكة ضد سوريا ومدى تورط الولايات المتحدة وحلفائها وأعوانها وعملائها فيها؛ وبالتالي ما يشهده الملف السوري من مراوغات أميركية ومماطلات هو من أجل مد أمد الأزمة وتوحش الإرهاب لأجل استمرار تدمير الدولة السورية، فكل لقاءات المسؤولين الأميركيين مع نظرائهم الروس لا هدف لها أميركيًّا سوى رعاية التنظيمات الإرهابية وتجنيبها الاستهداف، وتوفير مظلة الحماية الأميركية لها. فالهدنة التي يعمل عليها وزير الخارجية جون كيري مجددًا لن تخرج عن سياق ما سبقها من هدن كان هدفها تنظيم صفوف التنظيمات الإرهابية ومدها بالعتاد العسكري اللازم وبالمزيد من العناصر الإرهابية والتكفيرية.