واشنطن ـ لندن ـ وكالات: اعترف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.ايه) جون برينان بأن بعض عناصر جهازه استخدموا أساليب استجواب “مثيرة للاشمئزاز” بعد 11 سبتمبر 2001 لكنه دافع عن ذلك بقوله إنه من المستحيل معرفة ما إذا كان بالإمكان الحصول على المعلومات بطريقة أخرى فيما تتخوف الاستخبارات البريطانية من تزايد الدعوات في بريطانيا من أجل تسليط الضوء على ممارسات أجهزة الاستخبارات في هذا البلد ضمن الحرب على الإرهاب إلى جانب الولايات المتحدة، خصوصا بعد الكشف عن ممارسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التعذيب.
وقال برينان في مؤتمر صحفي استثنائي في مقر سي آي ايه نقل مباشرة عبر التليفزيون هو الأول في التاريخ الأميركي “ليست هناك أي وسيلة لمعرفة ما اذا كانت بعض المعلومات التي تم الحصول عليها (بفضل تلك الوسائل) كان يمكن الحصول عليها بوسائل أخرى”.
ورفض استخدام عبارة “تعذيب” قائلا “أترك لغيري أمر وصف هذه الأنشطة” مشيرا إلى أن الاستخبارات المركزية الأميركية “تحركت في مجال مجهول” بعد اعتداءات 11 سبتمبر.
وأوضح “على مختلف المستويات، تحركت السي آي ايه في مجال تجهله. لم نكن مستعدين. كانت خبرتنا ضعيفة في احتجاز المعتقلين، فيما كان القليل من العملاء مدربين على إجراء استجواب”.
ولم يندد ببرنامج الاستجواب لكنه اعتبر أن بعض عناصر الاستخبارات “خرجوا عن الإطار” المحدد لهم.
وبعد نشر تقرير برلماني الثلاثاء اتهم الوكالة، أكد برينان أنها تبنت اصلاحات لمنع تكرار الأخطاء. كما رفض القول إن الوكالة ضللت الرأي العام والسياسيين، على عكس ما أكد التقرير.
وبعد بيان من عدة دقائق أعاد رسم الظروف التي عملت فيها سي آي ايه أثر اعتداءات 11 سبتمبر، رد برينان على الأسئلة وهو يزن كلماته محاولا تفادي مناقضة ما صرح به الرئيس باراك أوباما.
وكان أوباما الذي انهى العمل بهذا البرنامج حال توليه السلطة في 2009 قال بشأن تلك الوسائل التي استخدمت بحق معتقلين “إن كل شخص نزيه يجب أن يعتبر أن التعذيب” متعارض مع قيم الولايات المتحدة.
وردت ديان فاينستاين الرئيسة الديمقراطية للجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ التي أعدت التقرير الصادم، على مدير السي آي ايه نقطة بنقطة عبر تويتر وذلك أثناء إدلائه بتصريحاته.
وقالت فاينستاين إن “المعلومات الأساسية التي قادت إلى (زعيم القاعدة إسامة بن لادن) لم تكن مرتبطة بتقنيات الاستجواب المبالغ فيها”، معتبرة أن “السي آي ايه تجعل بلادنا أكثر أمنا وأكثر قوة وليس التعذيب. علينا التعلم من أخطائنا”.
ولاحقا، أشادت في بيان بمبادرة برينان إلى تناول هذا الملف، ما يثبت أن “ادارة السي آي ايه مستعدة لتجنب تكرار ذلك”.
وأضافت “اتفق مع أمور كثيرة قالها برينان”، مشيرة خصوصا الى عدم استعداد السي آي ايه وعدم قدرتها على تحديد فاعلية تقنيات الاستجواب المبالغ فيها للحصول على معلومات موثوق بها.
وفي ما يتعلق بالنقطة الاخيرة قالت “إنه تغيير مرحب به في موقف السي آي ايه”.
ويرى عدد من الجمهوريين البارزين بشكل خاص أنه من دون هذه الاساليب، لما كانت الوكالة ادركت الدور المركزي لساعي اسامة بن لادن الذي دلها على موقع زعيم التنظيم المتشدد. لكن واضعي التقرير اعتبروا ان هذا القول مبالغ فيه، ويؤكدون ان مصادر أخرى كثيرة دلت على ذاك الرجل.
ومنذ نشر التقرير رفض البيت الأبيض باصرار الادلاء بموقف بشأن فاعلية التعذيب في الحصول على معلومات.
وقال جوش ارنست المتحدث باسم الادارة الاميركية الذي سئل مرارا بهذا الشأن “السؤال الأهم هو هل كنا مضطرين الى ان نفعله؟ والاجابة هي لا” مضيفا ان اوباما يحتفظ بثقته كاملة بمدير السي آي ايه.
وفي لندن تتزايد الدعوات في بريطانيا من اجل تسليط الضوء على ممارسات اجهزة الاستخبارات في هذا البلد ضمن الحرب على الارهاب الى جانب الولايات المتحدة.
وفي 2010، اقر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بنفسه بوجود “اسئلة حول مدى تعاون عملاء بريطانيين مع استخبارات اجنبية تسيء معاملة المعتقلين”.
وأوكلت الى القاضي المتقاعد بيتر جيبسون مهمة القيام بتحقيق مستقل.
إلا أن تقريره في ديسمبر 2013 طرح اسئلة اكثر مما اعطى اجوبة، ربما بسبب النقص في الموارد. كما انه بدا بمثابة اقرار بالعجز ازاء ادارة ترفض كشف أسرارها خصوصا عندما يتعلق الأمر بحليفها الرئيسي.
وانتقل التحقيق الى اللجنة النيابية حول الاستخبارات والأمن ويفترض أن تنشر خلاصتها بحلول نهاية 2015.
وصرح نائب رئيس الوزراء نيك كليغ (ليبرالي ديمقراطي) بأنه “بمجرد أن تصدر اللجنة تقريرها، علينا أن نتساءل عما اذا كان من الضروري فتح تحقيق قضائي كامل”. وأضاف كليغ “أريد الحقيقة، مثل كل الناس”.
وبين الذين وجهوا أصابع الاتهام إلى الاستخبارات البريطانية حول إساءة معاملة معتقلين الأثيوبي بنيام محمد. وقال محمد الذي اعتقل في قاعدة جوانتانامو الأميركية في كوبا لأكثر من أربع سنوات أن عميلا في ام آي 5 طرح عليه اسئلة خلال عمليات استجواب مرفقة بتعذيب.