مكتشفات جديدة بـ”سلوت” الأثري تؤكد الامتداد الحضاري لعمان عبر عصور ما قبل الميلاد

* ارتبطت بعضها بمظاهر الترف والبذخ وأخرى على شكل حيوان هجين بوجه بشري
* البعثة الإيطالية تبدي إعجابها لما توصلت إليه من اكتشافات تؤكد رسوخ الحضارة الإنسانية العمانية

كتب ـ خميس السلطي: تصوير ـ إبراهيم الشكيلي:
كشف مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية بالتعاون مع البعثة الإيطالية من جامعة بيزا أمس عن آخر الاكتشافات الأثرية في متنزه سلوت الأثري بولاية بهلاء، وقدمت البروفيسورة السندرا افانزيني رئيسة البعثة الإيطالية شرحا مفصلا من خلال استعراض مرئي لأهم الأعمال والاكتشافات التي قامت بها البعثة في الفترة الماضية.حيث عبرت عن سرورها وإعجابها لما توصلت إليه البعثة من اكتشافات تؤكد رسوخ الحضارة الإنسانية العمانية على مر العصور، كما أوضحت ومن خلال حديثها أن هذه الاكتشافات لهي واحدة من أبرز الأعمال التنقيبية في الوقت الراهن، حيث الامتداد الحضاري لإنسان عمان الذي أوجد تاريخا مغايرا يتصل بالحضارات الإنسانية القديمة وما جاورها.وكشفت من خلال حديثها عن وجود تواصل حضاري بين حضارة سلّوت في بهلاء وحضارات العالم القديم في الألفية الثالثة قبل الميلاد، نظرا لما تم اكتشافه مع حضارات العالم القديم مثل وحضارة بلاد الرافدين وحضارة وادي الأندوس، وحضارة بلاد فارس.
قلب حضارة مجان
كما أفادت رئيسة البعثة الإيطالية أن “سلوت” هي عبارة عن مدينة كبيرة ، أكبر مما يخيل لنا سابقا، وتؤكد بذلك الأدلة الدامغة على أصالتها كونها قلب حضارة مجان في تاريخ عمان الضارب في الجذور.وذهبت من خلال استعراضها المرئي إلى الكشف عن الجدار الصخري الكبير الذي يعود بتاريخه إلى فترة العصر الحديدي، حيث كان جزءاً من مستوطنة ضخمة، في نهاية عام 2015م.ومن بين الأعمال التي توصلت إليها البعثة وضمن مراحل التنقيب الجديدة، اكتشاف إحدى الحفر الاختبارية في أكبر المصاطب في المدينة ووجود تربة محفورة، مما يعطي مؤشرا على زراعة الأراضي، حيث قام العمانيون القدماء بتشكيلها عن طريق بناء الجدران المحيطة ثم إعادة حشوها بالتربة للوصول إلى ارتفاع ذي مستويات موحدة.وكشفت التنقيبات عن وجود عدة عناصر كالتخطيط الواسع للمستوطنة، وانتظام المباني، والشبكة الداخلية للممرات والشوارع، ونظام تصريف مياه الأمطار، ووجود الأماكن المحصنة، واحتمالية وجود المباني التخصصية)والتي تؤشر إلى وجود مشروع تخطيط متطور في قاعدة بناء المستوطنات، مما يدل على أن مدينة سلّوت كانت مركز متحضر ومتقدم في المجال العمراني.

30مدفناً
وكشفت الأدلة والمعثورات الأثرية على وجود مناطق تخصصية ارتبطت بالحرف والممارسات اليومية لسكان المدينة، من بينها حفر الأفران التي كانت تستخدم في صناعة النحاس، مع اكتشاف لجرتين فخاريتين تحتويان على 36 كيلو جراما من بقايا النحاس والسبائك في إحدى الغرف، مع جرتين ضخمتين في غرفة أخرى كانت تستخدم للتخزين، حيث يقود هذا الاكشتاف على نمو صناعة الفخار في تلك الحقبة، كما تم العمل على عينة الكربون المشع (C14) وأظهرت نتائج التحاليل دليلاً على التاريخ العريق لمدينة سلوت؛ فهي تعود إلى النصف الأول من الألفية الثانية قبل الميلاد(العصر البرونزي الوسيط).وقالت البروفيسورة السندرا افانزيني أن الحفريات الأخيرة أدت في محيط المدينة إلى الكشف عن مجمع للمدافن.فقد تم التنقيب في30 مدفناً تعرضت جميعها إلى أعمال النهب والتخريب، واحتوت هذه المدافن على معثورات أثرية ارتبطت بمظاهر الترف والبذخ كأواني الشرب البرونزية، أهمها الإناء ذو المصب على شكل الحصان، وإناء آخر على شكل حيوان هجين بوجه بشري، بالإضافة إلى الزمزميات وجرار التخزين، والأواني النحاسية، والأواني الزجاجية الرومانية، ومجموعة كبيرة من السيوف ورؤوس السهام والحراب الحديدية والبرونزية، وهو ما يدل على أنها مدافن مخصصة للمحاربين ارتبطت بمعركة حربية قامت في سلّوت.كما تؤكد المعثورات في هذه المدافن الجديدة على وجود تواصل حضاري بين سلّوت وحضارات العالم القديم، كحضارة بلاد الرافدين، وبلاد فارس، واليمن، والإمبراطورية الرومانية.
دليل جديد
في الإطار ذاته قال وليد بن سلطان المزيني مدير متنزه سلوت الأثري أن ما تم اكتشافه في المتنزه في الفترة الأخيرة كان مثيرا للغاية حيث كان يعتقد أن مدينة سلوت تعود الى العصر الحديدي إلا أن النتائج الحديثة أظهرت دليلاً على تاريخ مدينة سلوت؛ يعود إلى العصر البرونزي الوسيط.موضحا ومن خلال حديثه استمرار مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية على تطوير المتنزه الأثري ليكون شاملا بجميع عناصره التي تساعد على أن يكون مقصدا للزوار العمانيين وغير العمانيين، مبينا أن تم البدء بالفعل بإنشاء مزرعة عمانية ذات طراز تقليدي تم زراعة فيها ما يقارب من 300 نخله من الأنواع العمانية المختلفة.

المصدر: اخبار جريدة الوطن