احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / عش حياتك.. والحق ما فاتك

عش حياتك.. والحق ما فاتك

نمير بن سالم آل سعيد:
كل انسان لديه تفكير يسير به حياته ويحدد اتجاهه، ويتكون هذا التفكير نتيجة لتعليم ورؤى ومعتقدات وتجارب ومخاوف ورغبات واشياء أخرى معقدة ومتشابكة تتفاعل في ذاته وتطفو على السطح على شكل تصرفات معلنة أو خفية.
واذا لم يأت مـن يغير تفكير الإنسان وبالتالي تصرفاته، فـقـد يستمر في العيش في وهم مقـتنعا بما هو عليه طوال حياته.
وقد يكون تفكير الإنسان ينعكس عليه سلبيا، ولكن الوهم ذلك المارد الذي يـطغى على التفكير، يزين له بأن ما يفعله هو الصحيح وما ينفذه هو الأفضل، حتى اذا كان على خطأ . واحيانا حين يكتشف بأنه على خطأ يكون قد فات الأوان . ويبقى عالقا في الشرنقة التي كونها لذاته.
وعـلي أحد أصدقائنا الذي نلتقي معه أحيانا، وتعود معرفتي به إلى فترة الدراسة الابتدائيه، ثم ذهب كل في طريقه بعد ان انتقلت إلى مدرسة اخرى . والتقيته صدفة بعد مرحلة الدراسة الجامعيه بسنوات. وانـضم إلينا مع مجموعة من الأصدقاء الذين التقي معهم، ندعوه أحيانا للخروج معنا إلى الأماكن التي نذهب اليها.
تفكير علي الذي يسير حياته مـنعه من الزواج، فـلم يتزوج على الرغم من انه تجاوز الأربعين من العمر، فلديه مخاوف ووساوس من ان يكون الزواج مـشحونا بالخلافات والـمشاكل. ويـتعرض للفشل ويحصل الطلاق ويتشرد الأبناء وتصيبهم مشاكل اجتماعيه ونفسيه جراء التشتت وعدم العناية الكافية بهم.
قلت له: لـن يحصل الفشل في الزواج إذا حسُن الاختيار. وحتى إذا حصل ذلك فلن تكون أولى الزيجات أو اخرها التي تفشل، والسيطره على الأثار المترتبة على ذلك بالاعتناء بالأبناء وإعطاء المطلقة حقوقها، والزواج مرة أخرى هو الإجراء المناسبة في هذه الحالة، لأن الطلاق ليس نهاية طريق الحياة.
علي لم يبن له منزلا لأن عـقله يصور لـه بأن “الـقروض همّ بالليل وذلّ بالنهار”. ولو أخذ سلفه بنكيه قبل سنوات لأنـتهت الآن، وعاش في منزل يملكه. بدلا من العيش في بيت ايجار، بعد ان باع اخوانه الورثه بيتهم الصغير.
وبقـى علي وحيدا بعيدا عن الجميع بدون زوجه وأبناء وبيت لأن تفكيره اخبره بذلك، وصار لا يجمعه بهذا العالم إلا لقاءاتنا المتقطعة به حين ندعوه مـعـنا، ووظيفته التي يذهب إليها كل صباح. ثم يعود إلى شقته المستأجرة. وكثيرا اذا خرج من شقته يبقى هائما متجولا بسيارته إلى ان يعود ثانية اليها. ونحن على بعد مكالمة هاتفية منه، ولكن لا يتصل بنا لان أفكاره تصور له بانه سيزعجنا أو سيتطفل علينا باتصاله.
كما انه لا يتصل بنا إلا اذا بادرنا بالاتصال به كذلك لا يتصل بأي جهة حكومية أو يطرق أبوابها، لطلب خدمة أو السعي لمنفعه. لان تفكيره يمنعـه من ذلك حماية لـنفسه ووقاية لها من التعرض للاحراج أو الاهانة، من قبل موظف جراء تعامل سيئ يناله . فهناك بعض الموظفين يتعاملون مع المراجعين على أنهم متسولون جاءوا لطلب منفعه، وهم من يمنحها، فينظرون إليهم بفوقيه واحتقار، ويعاملونهم بعصبية وتكبر احيانا، واحيانا بالمـمـاطلة. ويتلاعبون بهم تلاعب القوي بـالضعيف، إلى ان يذهب المراجع بدون عودة، حتى لا يريق ماء وجه أكثر ويحافظ على ما تبقى من كرامته.
فاقول له: لا عليك يا علي فهذا يحدث أحيانا فالبشر أنواع، احيانا تجد من يفتح الأبواب إلى عمق مكتبه… واحيانا تجد من يقيم الحواجز ويغلق الأبواب عند المداخل الرئيسية، على الـرغم من أنه لم يوجد إلا لخدمتك. وتجد هناك من الموظفين مـن هو مشحون بالكراهيه والشر والحسد، وتجد من لديه الصبر والسماحة وحب الخير ويخدم وظيفته بامانة ومصداقية.
فـلا تيأس يا علي، فهناك من يريد اضعافك وهزيمتك ليكون منتصرا، فالمعارك بين البشر لم تنته وساحات القتال لم تختف، ولو أننا في دولة أمان لا نحارب بالسيوف والأسلحة وإنما لدينا معاركنا امام المصاعب والمحن من أجل حياة افضل، نحارب فيها بالعزيمة والصبر والإرادة والقوة الذاتية، ولا بد ان تخوض معمعة الحياة ولا تكتفي بالفرجة من بعيد صونا لعواطفك المرهـفة، فذلك لا ينفذ مطالبك ولا يحقق امنياتك. غير من افكارك التي تقيدك . فانت حين تسعى إلى جهة حكوميه فانت لا تتسول، لان المانح هي الدولة، وانت لم تأت لتطلب صدقة من احد لتشعر بالضعف والسوء امام نفسك. وتنهزم لان هناك من أراد هزيمتك.
لا باس ياعلي ان يمر الإنسان بصعوبات وعراقيل، المهم ان لا تيأس وتنهزم، وعش حياتك.
اذهب يا صديقي تزوج وانجب واشتري بيتا وتواصل مع اصدقائك واقاربك ولا تتردد في طرق أبواب الجهات في الحصول على مطالبك ولتلحق بـما فاتك، فما زال في العمر بقية لتحيا.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى