احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / عبدالحسين عبدالرضا.. الوداع

عبدالحسين عبدالرضا.. الوداع

“السينما العمانية” : غرست أعماله القيم والثوابت الخليجية الراسخة ورحيله خسارة كبيرة
“العمانية للمسرح” : قضى حياته واقفا عليها كفارس من ” فرسان المناخ” لأكثر من خمسين سنة
“الكتاب والأدباء” : أحب أمته العربية وطرح قضاياها وأوجاعها وقاد حلمها وما يحبه لها

مسقط ـ الوطن:
“باي باي لندن” .. عبارة ارتبطت كثيرا بحياة الفنان الكبير الراحل عبدالحسين عبدالرضا الذي رحل عن دنيانا يوم الجمعة 11 أغسطس الجاري، هي ليست مجرد عبارة خاطفة وإنما أحد أهم أعماله المسرحية والفنية التي عرفها المشاهد العربي من أدناه إلى أقصاه وما تقدمه من دلالات وإشارات لم تعد عابرة، بل تأصلت في ذهن المتلقي العربي الذي عشق إبداع الفنان الراحل.

أعمال خالدة
في عام 1961 بدأ مشوار الفنان عبدالحسين عبدالرضا الفني، وكان أول عمل مسرحي له باللغة العربية الفصحى تحت عنوان “صقر قريش”. حيث كان بديلاً للممثل عدنان حسين، وأثبت نجاحه أمام أنظار المخرج زكي طليمات، وتوالت بعدها الأعمال من مسلسلات تلفزيونية ومسرحيات لتنطلق معها الإنجازات والشهرة والجوائز وغيرها.
قدم أشهر المسلسلات الخليجية ويعبتر مسلسل درب الزلق اشهرها، وقد كان مع سعد الفرج والراحل خالد النفيسي والراحل عبد العزيز النمش والراحل علي المفيدي. كذلك مسلسل الأقدار الذي كتبه بنفسه.
وفي المسرح كانت له مسرحيات كثيرة أشهرها باي باي لندن وبني صامت وعزوبي السالمية وعلى هامان يا فرعون وغيرها الكثير. قام بكتابة بعض أعماله المسرحية والتلفزيونية بنفسه منها سيف العرب وفرسان المناخ وعزوبي السالمية و30 يوم حب وقاصد خير وغيرها، كما أنه خاض مجال التلحين والغناء والتأليف المسرحي والتلفزيوني وأصبح منتجا.
اشتهر بالشخصية الساخرة المرحة التي تنتقد وتسخر من الأوضاع العربية بقالب كوميدي. وهو أحد مؤسسي «فرقة المسرح العربي» عام 1961 و«فرقة المسرح الوطني» عام 1976، كما قام في عام 1979 بتأسيس «مسرح الفنون» وفي عام 1989 أسس «شركة مركز الفنون للإنتاج الفني والتوزيع».
جمال الصوت
اشتهر بجمال صوته وهذا ما أعطاه تميزًا عن بقية الفنانين في جيله، مما جعله يخوض تجربة «الأوبريتات» كأول فنان يقوم بعمل الأوبريتات التمثيلية الغنائية والتي لاقت نجاحًا كبيرًا، بالإضافة إلى أنه قام بالغناء ضمن أعماله التلفزيونية والمسرحية عندما كان العمل يستدعي ذلك. قدم العديد من الثنائيات في الإذاعة والتلفزيون لعل أشهرها مع الفنان سعد الفرج والذي اتضح في مسلسل درب الزلق ومسلسل الأقدار وعدد من المسرحيات، وكذلك مع الفنان الراحل خالد النفيسي في مسلسلات محكمة الفريج وديوان السبيل والحيالة، علمًا أن بدايته مع الثنائيات كانت مع الراحل عبد العزيز النمش ومحمد جابر في مسلسلات مذكرات بوعليوي والصبر مفتاح الفرج، ومن أشهر الثنائيات التي قدمها كانت مع الفنانة سعاد عبد الله في عدد من الأوبريتات.
كان الفنان عبدالحسين عبدالرضا حاضرا في قلوب محبي الشاشة الصغيرة، حيث تربت الكثير من الأجيال على متابعة أعماله مع قامات فنية من الخليج العربي، وزار السلطنة مرارا وتكرارا، والتقت به “الوطن” في حديث جميل وشفاف، سافرت معه حيث أحلامه العذبة وفاض حديثه بالحب والتقدير لعمان وباني نهضتها، التقى به الكثير من فناني ومثقفي السلطنة الذين قالوا عنه بأنه الشخص الودود القريب من القلب، فعندما تلتقي به لأول مرة فكأنه يعرفك منذ سنوات طوال.

الستار مغلق
في السلطنة كان لمؤسسات المجتمع المدني الثقافية والفنية صوت بارز في تسجيل نعي لغياب الفنان عبدالحسين عبدالرضا، فالجمعية العمانية للمسرح نعت الفنان الراحل ببيان صادر عنها جاءت فيه : الستار مغلق ونحن جلوس في صالة المسرح، مشدوهين مصدومين ليس بما نشاهد من عرض مسرحي مقدما أمامنا، وإنما بما تناهى إلى سمعنا عبر مختلف الوسائل الإعلامية من خبر عن وفاة الفنان المسرحي عميد الكوميديا ورائد من رواد المسرح في الكويت والخليج العربي عبدالحسين عبدالرضا الذي وافته المنية يوم الجمعة الماضي في لندن.
وأضاف البيان: أغلق الستار إذا، ونحن الآن كـ”بني صامت” لا نعرف ما نقول من شدة الصدمة، لكننا وإيمانا منا بالقضاء والقدر وبأن هذا الطريق هو طريق الحق لابد وأن نستجمع قوانا ونقول إنا لله وإنا إليه راجعون، ورحم الله فقيدنا وأدخله فسيح جناته، ولابد أن نعزي أنفسنا وكويت المحبة، حكومة وشعبا ومسرحا بفقيدنا الغالي الذي لن تنساه القلوب لأنه سيحيا داخلها، كما نعزي أبناءه وعائلته سائلين الله أن يلهمهم الصبر والسلوان على مصابهم، أغلق الستار على رجل كان يقف خلفه، وطالما فتح من أجله، فقد قضى حياته واقفا عليها كفارس من ” فرسان المناخ” لأكثر من خمسين سنة حب لا “30يوم حب” فقط وبحب أكبر تابعه في وقفته هذه “عالم نساء ورجل” بل ورجال حتى ” حط الطير..” أخيرا” و”طار الطير” بل حلقت روحه إلى السماء، إلى بارئها وهو يلوح بيديه مودعا “باي باي لندن” فيرد الخليج توديعته غير مصدق للخبر الجلل، فيأتي يقين الخبر ليقول لنا: إن الفنان الكبير أطلق شهقته الأخيرة ومعها ” باي باي عرب”، أترحل هكذا يا أبا عدنان؟! ” على الطاير”، لا نحب رحيل القناصين سريعا وأنت قناص المسرح، والبطولات والأفيهات الضاحكة ” قناص خيطان”.
رحل بعد أن زرع في قلوبنا حسرة برحيله، حسرة بفقدان عميد الكوميديا الذي طالما زرع البسمة في القلوب، فقد ارتبط اسمه بالبسمة وحدها ولا شيء غيرها في قلوب محبيه وجمهوره؛ لذلك يا أبا عدنان سنظل نحن المسرحيين، ونحن أبناء الخليج نذكر هذه الابتسامة التي زرعتها على أفواهنا، ونذكر “فرحة الأمة” كلها حين كنت تقف على الخشبة وكل حواسنا معلقة بـ”صقر قريش” وبالكوميديا الرفيعة التي سيطلقها في هذه اللحظة أو تلك.
وخاطبت جمعية المسرح في بيانها الراحل بالقول: رحلت وتركت لنا إرثا ثقيلا في الذاكرة عنك، تركت لنا مسرحا لابد وأن يطوف حوله الكتاب متى ما أرادوا أن يوثقوا للمسرح الكويتي أو الخليجي أو الكوميدي، وتركت لنا مسرحيات سيعود لها الشباب متى ما احتاجوا إلى دليل ومرشد حي يسيرون عليه في الاشتغال على الكوميديا الهادفة، ليعرفوا أن الطريق إلى القلوب هو طريق الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا.

حزن عميق
أما الجمعية العمانية للسينما فتقدمت في بيان صادر عنها بتعزية لدولة الكويت حكومة وشعبا، والوسط الفني وذوي الفقيد بوفاة الفنان الكويتي عبد الحسين عبد الرضا، داعين المولى عز وجل أن يتغمد روحه برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته ويلهم ذويه الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون، وإذ تعرب الجمعية عن بالغ حزنها العميق برحيل الفنان الكبير وإنها لخسارة كبيرة للساحة الفنية الخليجية. فالفقيد كان يعتبر أحد أعمدة الفن في الخليج والوطن العربي، وسيظل نجما مضيئا في سماء الفن، فمسيرة حياته الفنية على مدار نصف قرن، حيث قدم فيضا هادفا من أشهر الأعمال الدرامية على المستوى الخليجي والعربي منذ بداية مسيرته الفنية، وساهم في نقل الدراما الخليجية سواء التلفزيونية أو المسرحية أو السينمائية وانتشارها على صعيد الوطن العربي وحببها للمشاهد العربي. فكانت بصمات فنه واضحة للجميع حملت هموم المجتمع الخليجي والعربي، فكان ذلك الفنان الذي حمل رسالة هموم الشعب والمجتمع في طابع كوميدي راق ليغوص في حياة الإنسان الخليجي فطرح همومه وطموحاته وأحلامه.
وأضاف البيان : كما لا يمكن تجاوز مرحلة مهمة في حياة نجم الفنان الراحل فقد سطع نجمه في فترة حساسة لمنطقة الخليج العربي، فكانت في زمن الانفتاح الثقافي وتحول منطقة الخليج من مجتمعات محافظة إلى مستنيرة في ظل التغيرات العالمية الذي عززه التطور الاقتصادي باكتشافات النفط، فألقيت أنذاك على عاتق الفنانين مسؤولية كبيرة نحو المجتمع، نحو نهضة فكرية تساهم في نقل المجمع المنغلق إلى منفتح على ثقافات آخري. وبالفعل ساهمت أعمال الفقيد في تنفيذ أعمال درامية محببة وصل بها إلى كل بيت خليجي، وكانت مضامينها غرس القيم والثوابت الخليجية الراسخة التي لم تتزعزع رغم كل التغيرات والتطورات الثقافية الهائلة. ولا شك، رغم قلة الأعمال السينمائية التي قدمها الراحل بسبب تكلفة صناعة السينما وأوضاعها في الخليج، ومع ذلك كان للسينما نصيب من أعمال الفقيد حيث قدم الفيلم السينمائي القصير (العاصفة) الذي تم إنتاجه في 1965م.
كما قدم الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا عدداً من الأفلام التلفزيونية التي نالت استحسانا كبيرا من النقاد والموطنين الخليجيين بتلك الأعمال شاركه فيها كبار نجوم الدراما الخليجية.
وأشار البيان أن الجمعية العمانية للسينما قد تشرفت بدعوة الفنان ليكون ضيف شرف مهرجان مسقط السينمائي الدولي السادس 2010م وتكريمه لكافة إنجازاته الفنية التي تعتبر ثروة ثقافية وفكرية هامة تروي تاريخ أمة، ونضال مجتمع، وشجاعة شعب. وبرحيله ترك الفنان الكبير تراثا فنيا هادفا سيبقى مؤثرا على مدى الزمن.. ذلك قليل ما يمكن قوله برحيل فنان الخليج عبد الحسين عبد الرضا.

مثال للعصامية
بدورها تقدمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعزية في وفاة الفنان عبدالحسين عبدالرضا، معتبرة أنه أحد أهم رموز الفن في الخليج والوطن العربي، وتقدمت الجمعية بأحر التعازي لعائلته وذويه والأسرة الفنية في دولة الكويت الشقيقة.
وقال المهندس سعيد بن محمد الصقلاوي رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، إن الجمعية تعزي جميع الفنانين في دولة الكويت الشقيقة وفِي الوطن العربي برحيل القامة الفنية الكبيرة الفنان عبدالحسين عبدالرضا.. ونعزي اخواننا في رابطة الأدباء الكويتية على رحيل هذا الفنان المبدع القدير والعملاق عبدالحسين عبدالرضا الذي هو نجم ساطع في سماء الفن وموهبة خلاقة في العطاء والمثابرة وجرأة الطرح وصدق النوايا والوطنية العالية.
وأضاف الصقلاوي : عشق الراحل الكويت أرضا وشعبا وحارات وعبقا يتنفسه. كما أحب أمته العربية. وطرح قضاياها وأوجاعها وقاد حلمها وما يحبه لها. هو مثال للعصامية وصورة صادقة للصبر. وقول مؤمن بقضية الانسان. فهو فنان الانسانية. لعب كافة الأدوار الانسانية ومرآة تعكس كل تقلباتها وطموحها وأفكارها ورؤها.
ومنذ شبابه وحتى قبل رحيله كان كريما في عطائه الفني نبيلا في إخلاصه لقضية الانسان، وكان الفنان الراحل نجما منذ أوائل أعماله. كل عمل درامي تلفزيوني او مسرحي فيه الراحل الكبير عبدالحسين عبدالرضا يحبه الناس ويسعون إليه ويصير حديثهم في كل مكان.
وكان الناس يدلعونه ويروون عنه “حسينوه”، ـ شخصيته في درب الزلق ـ حبا فيه وعشقا له.
أبو عدنان هذه الظاهرة الفريدة فنيا وإبداعيا وإنسانيا. سيظل مضيئا في الذاكرة ومزدهرا في الوجدان وتاريخا لمنطقتنا نابضا بكل تفاصيل الحياة. وسيظل المثال النموذج الذي بنى أفلاطون نظريته عليه.
واختتم الصقلاوي بالقول: لقد كتبت للدكتورة نورية الرومي إن المرحوم أبوعدنان يستحق أن تؤسس جائزة دولية باسمه في مجال الدراما والمسرح. فالغرب يفتخر بشكسبير مسرحيا وغيرهم ونحن نفتخر بأبي عدنان الفنان الرائع عبدالحسين عبدالرضا. رحمه الله وغفر له وطيب مثواه واسكنه جنته وشمله برضاه. انه سميع مجيب.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى