الخطة الإنمائية لوزارة الصحة ـ التي بصدد تنفيذها خلال السنوات القادمة والمقدرة تكلفتها بأكثر من 376 مليون ريال عماني ـ تعكس مدى الاهتمام بالرعاية الصحية في السلطنة وجعلها حقًّا أصيلًا من حقوق المواطن العماني يجب أن يحصل عليه حالة احتياجه له، فمنذ بزوغ فجر النهضة المباركة حرص حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على أن تكون الحالة الصحية الجيدة للمواطن هدفًا من أهداف النهضة المباركة، ويأتي انتشار المستشفيات المرجعية والمراكز الصحية والتوسع فيها تعبيرًا صادقًا عن هذا الحرص الكبير والمقدر لجلالته، حيث ارتبطت حركة الانتشار والتوسع في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في البلاد بالكثافة السكانية، مع إيلاء أن تواكب هذه المستشفيات والمراكز الصحية حركة التطور العلمي في مجال الطب من خلال تزويدها بالكوادر الطبية الماهرة والمؤهلة والمدربة تدريبًا جيدًا، وكذلك تزويدها بالأجهزة والأدوات الطبية المتقدمة والمتطورة.
وتتضمن الخطة الإنمائية لوزارة الصحة إنشاء المبنى الرئيسي لوزارة الصحة و14 مستشفى عامًّا، ومبنى للمختبرات المركزية و3 مجمعات صحية و38 مركزًا صحيًّا ومركز لطب الأعماق، موزعة على مختلف محافظات السلطنة.
وبالنظر إلى حجم المبالغ المرصودة لهذه المشروعات الجاري تنفيذها والتي سيتم تنفيذها، وخريطة توزعها تؤكد أن القطاع الصحي لا يزال وسيظل يحظى باهتمام بالغ من قبل حكومة جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ وذلك انطلاقًا من فلسفة عامة تراهن على الإنسان ككلمة سر تفتح أبواب النهوض واللحاق بركب التقدم والعصرنة، حيث غني عن الخوض في التفصيل العميق للطفرة المتنامية في المنظومة الصحية، سواء من خلال عدد المستشفيات والمراكز الصحية أو تطوير الممارسات الطبية وتأهيل الكادر البشري، وذلك مقارنة بالمعادلة الصفرية التي كانت موجودة قبل عام 1970. فالواقع اليوم هو خير معبِّر عن حقيقة الجهود والاهتمام، ولعل المقارنات بين ما هو لدينا وبين ما لدى كثير من غيرنا كفيلة بتبيان الحقيقة.
كما أن الملمح البارز ـ بالإضافة إلى حركة التوسع في إقامة مرافق المنظومة الصحية ومتطلباتها ـ هو حرص وزارة الصحة الدائم على الاهتمام المتواصل بتطوير سياسات ومتطلبات الإدارة الصحية من أجل الارتقاء بالعملية الإدارية حتى تكون قادرة على الاستجابة للتحديات التي تفرزها طبيعة النظام الصحي وما تتسم بها من تغييرات متلاحقة. وقد تمثل هذا الاهتمام في عدة مجالات رئيسية أهمها الاستمرار في دعم نظام المعلومات في كافة محافظات السلطنة كأساس لعملية التخطيط وإدارة الخدمات الصحية، واستكشاف جوانب القصور فيها.
وعلى الرغم من هذا التطور والجهد الملحوظ فإن جعل النظم الصحية مناسبة للغرض المرجو في ثنايا التحديات الصحية الهائلة للقرن الحادي والعشرين مهمة ملحة للغاية، وتتسع باتساع الرغبة في استدامتها، ويشكل العنصر البشري هو أساس هذه الاستدامة؛ وفي التقدير هذا ما تؤمن به الجهات المعنية في بلادنا وتعمل عليه، بل تراه واجبًا، وتعمل كذلك على تدارك أي قصور في بعض الممارسات والأداء الطبي واحتوائه.
المصدر: اخبار جريدة الوطن