في الوقت الذي تواصل فيه آلة القتل الإسرائيلية المشبعة بالعنصرية والإرهاب والوحشية حصد الفلسطينيين واستهدافهم بصور متعددة، يتناوب عليها جميع أذرع الاحتلال، من جيش وشرطة ومستوطنين، تقوم الولايات المتحدة بما يتوجب عليها من دور يتأسس على الالتزام بحماية هؤلاء القتلة جميعهم، والمرتكز على جانبين؛ الأول سياسي ـ دبلوماسي، والثاني عسكري ـ اقتصادي.
ووفقًا لالتزامها هذا، تحاول الولايات المتحدة أن ترتب أوضاع المنطقة على النحو الذي تحقق به التزامها بضمان بقاء كيان الاحتلال الإسرائيلي (الحاضن للقتلة والإرهابيين من الجيش والشرطة والمستوطنين)، وذلك بما يسمح لهذا الكيان الغاصب بتحقيق حلمه التوسعي ومد مشروعه الاحتلالي في المنطقة بأسرها.
ومثل هذا الالتزام لا يمكن إنجازه إلا بتوفير الظروف اللازمة وفرض الشروط الباخسة التي تعطي الأريحية الكاملة والمطلقة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، وتعزز موقفه وموقعه، وتضعف في المقابل الجانب الفلسطيني المعني وتجرده من كل أوراق القوة، بما يجعله محتاجًا إلى الولايات المتحدة وغير قادر على التحرك بدونها.
ومن يتابع كل الأدوار والمواقف للإدارات الأميركية المتعاقبة تجاه الصراع العربي ـ الإسرائيلي يجد أنها لا تخرج عن الالتزام الأميركي بحماية الحاضن الإسرائيلي للقتلة والإرهابيين المسمى “إسرائيل”، وتسهيل مرور الشروط الإسرائيلية التعجيزية ـ المتبناة أميركيًّا مسبقًا طبعًا ـ على الجانب الفلسطيني، بدليل الواقع المعاش والمشاهد من قبل الجميع، حيث لم يبقَ بيد الفلسطينيين من أرض فلسطين سوى قطاع غزة، وبعض فتات من الضفة الغربية، وقطاع غزة نفسه قد حوله المحتلون القتلة الإرهابيون إلى سجن سلبوا منه جميع الحقوق الإنسانية، وذلك للتخلص من سكانه.
أمس الأول أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيرسل صهره جاريد كوشنر والمفاوض جيسون جرينبلات إلى الشرق الأوسط قريبًا، للاجتماع مع قادة المنطقة، ومناقشة “السبيل إلى محادثات سلام حقيقية بين إسرائيل والفلسطينيين”. إلا أن البيت الأبيض أكد الالتزام الأميركي الذي أشرنا إليه آنفًا في معرض إشارته إلى جوهر الجولة المكوكية للمبعوثين بقوله “بينما ستلعب المحادثات الإقليمية دورًا مهمًّا إلا أن الرئيس يؤكد مجددًا أن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن التفاوض عليه إلا بشكل مباشر بين الطرفين، وأن الولايات المتحدة ستواصل العمل عن كثب مع الأطراف لتحقيق هذا الهدف”. وكما هو معروف أن التفاوض المباشر هو شرط إسرائيلي تبنته الولايات المتحدة، وبات عرفًا والتزامًا عند أي مفاوضات تتم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؛ أي ممنوع على طرف ثالث أن يحضر المفاوضات أو يمارس دورًا ما لاسيما مع الجانب الفلسطيني، لأن المحتل الإسرائيلي يريد الأريحية المطلقة في تفاوضه دون ضغوط خارجية، يستفرد في الوقت ذاته بالفلسطينيين، ويفرض أثناءه شروطه التعجيزية، وقد أفضت تجربة التفاوض المباشر سابقًا إلى الواقع الذي يراه جميع الفلسطينيين والعرب وجميع شعوب العالم، وبالتالي ما تبقى من فتات الضفة الغربية يسعى المحتل الإسرائيلي إلى نهبه بملهاة جديدة اسمها مفاوضات مباشرة، أو عبر ضغوط إضافية وشروط ابتزازية تحت لافتة الكذب الدائمة “تحريك عملية السلام نحو الحل النهائي”.
المصدر: اخبار جريدة الوطن