يشكل البناء المعرفي للأفراد إحدى أهم الأدوات التي تسهم في بناء نهضة معرفية وطنية تقوم على أساس علمي، يغرس القيم الأخلاقية والدينية في الفرد، الذي يعد نواة أي مجتمع صالح، ويفتح الطريق بشكل واسع نحو تحقيق نهضة علمية معرفية تتقاطع مع كافة القطاعات الأساسية في الوطن، اقتصادية كانت أم اجتماعية أو ثقافية. فالبناء المعرفي جزء أصيل من التكوين القيمي لديننا الحنيف الذي دعانا إلى القراءة والمعرفة والاستزادة من العلوم بكافة أنواعها وأشكالها، وكانت أولى تعاليمه وأوامره، هي اقرأ، فعظمة الشعوب تكون دومًا باتساع معرفتها، ومدى إسهامها المعرفي والتقني.
ومن هذا المنطلق تأتي أهمية المسابقة التي ينظمها مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم للعام الحالي والتي تحمل عنوان «اقرأ للناشئة»، والتي أعلن عن فتح باب التسجيل فيها بمختلف محافظات وولايات السلطنة خلال الفترة من الـ10 من سبتمبر وحتى الـ16 من نوفمبر القادم، حيث تُعد المسابقة أحد برامج المبادرات المجتمعية التي يُنفذها المركز إيمانًا بأهمية القراءة في حياة الإنسان كونها الطريق للوصول إلى مجتمع معرفي محب للقراءة والاطلاع.
وتهدف المسابقة إلى غرس مفاهيم القراءة لدى الناشئة وحثهم على ارتياد المكتبات، وترسيخ مبادئ وقيم المواطنة الصالحة وحب الوطن، كما تعمل المسابقة على تنمية ميول واتجاهات الناشئة نحو القراءة والمطالعة الحرة، كما تمكن المسابقة الناشئة من الكتابة الإبداعية، التي تحتاج إلى اطلاع دائم يتطلب من المشارك القراءة في المواضيع المتعلقة بالمجالات الوطنية والثقافية والقيم الدينية والعادات والتقاليد العمانية .. وغيرها من الموضوعات التي تلامس اهتمامات الناشئة، حيث ستقوم لجنة المسابقة بطرح عدد من المواضيع للمتسابقين للكتابة عنها خلال تواجدهم بمراكز المسابقة.
وتهتم المسابقة بثلاث فئات عمرية هي: (من الرابـع إلى السـادس) مواليد (2006 ـ 2008م). و(من السابع إلى التاسع) مواليد (2003 ـ 2005م). و(العاشر والحادي عشر) من مواليد (2001 ـ 2002م)، وهي من الأعمار التي يتشكل بها وجدان الطفل، وتحتاج إلى حافز حقيقي لإلهام الأطفال قريحة الكتابة، عبر الاطلاع المعرفي الدؤوب، الذي يصقل الوجدان المعرفي للطلاب، ويخلق جيلًا يتمكن من المعرفة ويمسك بتلابيبها.
وتتميز مسابقة هذا العام عن الأعوام السابقة كونها استحدثت مركزًا جديدًا للمسابقة في محافظة الوسطى، ليصل عدد مراكز المسابقة إلى (17) مركزًا، وبذلك تم تغطية جميع محافظات السلطنة، مما يعظم الفائدة المرجوة من المسابقة الثقافية الكبرى، ويتيح لكافة الذين يقعون ضمن الفئات العمرية المستهدفة فرصة أكبر للاطلاع لتعم الفائدة كافة ربوع السلطنة، وبجانب الفوائد الكبرى للمسابقة تسعى المسابقة عبر رصد جوائز مالية قيمة للفائزين من كل مستوى، إضافة إلى جوائز تشجيعية لعدد من المشاركين، وسيتم توزيعها في الحفل الختامي للمسابقة المقرر إقامته في شهر ديسمبر القادم.
إن خلق جيل قارئ يفتح الطريق أمامه على المستوى العلمي والعملي والاجتماعي أمر مهم لبناء قاعدة علمية ذات ثقافة ومعرفة، فالطفل القارئ يمتلك التفكير الإيجابي المبني على معرفة حقيقية، كما يكون طفلًا اجتماعيًّا يجيد التعبير عن ذاته، فلن تجد قارئًا غير قادر على التعبير بأريحية عن كل أفكاره التي تعمل في رأسه، فالقراءة خزين من المعاني والكلمات والمفردات والصيغ المنمقة للتعبير عن مختلف الأفكار، وبالقراءة سيحصل الطفل والبالغ بعد ذلك على أفضل النتائج لينتج شخصًا قادرًا على التعبير والحوار والإقناع بلغة طلقة صحيحة، فالقراءة بشكل عام توسع مدارك الإنسان وتزيد من ثقافته، وبقراءة ألطف سيتحفز لديه منذ الصغر حبه لهذه العادة ليصير الكتاب رفيق الطفولة الأول له، ويستمر حبه له من المهد إلى اللحد، فنحصل على جيل من القراء المثقفين.
المصدر: اخبار جريدة الوطن