احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / رأي الوطن: متى يستلهم المسلمون دروس وعبر الإسراء والمعراج؟

رأي الوطن: متى يستلهم المسلمون دروس وعبر الإسراء والمعراج؟

تحل اليوم ذكرى الإسراء والمعراج وهي من الذكريات الخالدة في التاريخ الإسلامي، لما مثلته من تحول حقيقي في مسار رسالة الإسلام وسير الدعوة المحمدية، فضلًا عن أن حادثة الإسراء والمعراج كانت من المعجزات العظيمات، وإحدى الدلائل العظيمة على مكانة رسالة الإسلام الخالدة والمباشرة الفعلية بنشر نور الهدى والإيمان والرشاد إلى البرية، وإحدى الدلائل الكبرى على عظمة رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم ومكانته بين الأنبياء والرسل، لتكون رحلة الإسراء والمعراج التي تحل ذكراها الخالدة اليوم خصيصة من خصائص التعظيم والتشريف لخاتم الأنبياء والرسل عليه الصلاة والسلام.
إن ذكرى الإسراء والمعراج كانت حدثًا خارقًا للعادة، سواء لجهة الوسيلة (وهي البراق) التي بدأت بها وعبرها انطلقت الرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أو لجهة المكان المتمثل في الانتقال السريع جدًّا من مكة المكرمة إلى القدس الشريف، أو لجهة الشخصيات وهم الرسل الكرام الذين صلى بهم المصطفى عليه الصلاة والسلام، أو لجهة الزمان المتمثل في المدة القصيرة لرحلة الإسراء ثم المعراج، أو لجهة النتائج التي ترتبت على هذه المعجزة العظيمة ومنها فرض الصلاة، والرد المفحم على المشككين في حقيقة رسالة الإسلام وصدق الدعوة المحمدية.
إن إحياء ذكرى معجزة الإسراء والمعراج يجب أن يكون منطلقًا للمسلمين في تذخير ثقتهم وارتباطهم بدينهم، وصقل سلوكهم وتجديد ثقافتهم وعهدهم بالاقتداء برسولهم صاحب الخلق العظيم عليه الصلاة وأزكى السلام، من خلال ما مر به من ظروف عصيبة في بدايات دعوته، وحكمته وصبره وخلقه في مواجهة أعدائه ومحاربيه من كفار قريش الذين تعرضوا له بكل الوسائل والطرق، وتربصوا به الدوائر، وحاولوا إيذاءه وإيذاء أصحابه الذين صدقوه في بداية دعوته، وتحمله الشدائد والصبر على المكاره والعنت التي تفاوتت بين إيذاء أهل الطائف له لدرجة وصل بهم الأمر أن سلطوا عليه سفهاءهم وصبيانهم وصغارهم ليرموه بالحجارة حتى أدموا ساقيه الشريفتين، وهناك دعا ربه يشكو إليه ضعفه وقلة حيلته وهوانه على الناس، فجاءه جبريل عليه السلام وأخبره أن ملك الجبال يمكن أن يطبق الجبلين على الطائف وأهلها، وكان الرد الكريم بأنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ يرجو الله أن يأتي من أصلاب هؤلاء من يؤمن بالله، وبين وفاة أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي كان يمده بالعون والتأييد ويحول بينه وبين محاولات مشركين قلة للنيل منه والفتك به، ثم وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها بعد ذلك، وهي التي كانت نعم الزوجة والرفيق والنصير للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فسمي العام الذي شهد تلك الأحداث بعام الحزن، فما كان من معجزة الإسراء والمعراج إلا تأييدًا من الله سبحانه وتعالى ونصرة لنبيه عليه الصلاة والسلام، وتسريةً وتخفيفًا عنه مما ألمَّ به من حزن وكبد ومشقة وصد وعنت ومكائد.
إن تجليات هذه المعجزة الإلهية العظيمة وما سبقها وصاحبها من أحداث، وما نتج عنها، جدير بالمسلمين أن يأخذوا عبرها ودروسها، ويتخذوا من المصطفى صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة من حيث الحكمة واللين والتسامح والعفو عند المقدرة والتواضع، وعدم الرغبة في الانتقام، وإنما الحرص الشديد على حب الخير للناس والعمل على تجنيبهم مزالق الشيطان والهوى والنفس، والعمل على ربطهم بخالقهم لينالوا رضاه؛ فرضاه هو السبيل نحو النجاة ومظاهر النعم والسؤدد. كما أنه لو كان الانتقام والقتل والتدمير مبدأً وسلوكًا ووسيلةً لتحقيق الأهداف لكان بيده عليه الصلاة والسلام ذلك، إلا أن هذا لم يحصل بل النقيض تمامًا ما حصل، وهو ما حقق الأهداف، وأوصل الرسالة إلى نهاياتها المرادة، وبالتالي فإن ما يحصل اليوم من مظاهر القتل والتدمير والتخريب والتآمر في بلاد العرب والمسلمين هو مخالفة صريحة وواضحة للشرع الإلهي والهدي النبوي، لذا في ذكرى الإسراء والمعراج دعوة صريحة للتمسك بالشرع الإلهي والاقتداء بالهدي النبوي.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى