احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / رأي الوطن : رباطهم يحرج الآخرين

رأي الوطن : رباطهم يحرج الآخرين

تظل القضية الفلسطينية على مدى صراعها الطويل تستعصي على كل محاولات التحليل التي تلجأ إلى دراسة الظواهر من حيث علاقة الأسباب بالمسببات أو المقدمات بالنتائج، فما يظهر من واقع مقاومة واهن قياسًا بالقوة الإسرائيلية الساحقة لا يشي بإمكانية ميل الكفة لصالح المقاومين الذين تحصدهم آلة الدمار الإسرائيلية يوميًّا على أمل القضاء عليهم، لكن النتائج لا تأتي متطابقة مع المقدمات، حيث يظهر مع كل يوم جديد عناصر مقاومة لم تكن في الحسبان من قبل، كذلك فإن تمزيق أواصر الشعب الفلسطيني بالعزل والإبعاد والنفي والتشريد والتوسع في الاستيطان الاستعماري، وإقامة الجدران العنصرية الفاصلة ونقاط التفتيش التي لا تكف عن استفزاز الفلسطينيين لم تفت في عضدهم أو توهن شوكتهم، ومع ما حققه أولئك المرابطون في مدينة القدس المحتلة من نصر مؤزر ضد عدوهم وعدو الأمة بإجباره على إزالة إجراءاته الأمنية ومنعه من تحويل الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين إلى كنيس، ومن تحويله إلى ثكنة عسكرية لمنع المصلين الفلسطينيين من الدخول إلى المسجد، ولحماية قطعان المستوطنين التي تأتي لتدنيسه، مع كل ذلك، يزداد بريق القضية، ويزداد الشعور الدولي بها، رغم أنف الحلفاء والداعمين لكيان الاحتلال الإسرائيلي ولمشروعه الاحتلالي في فلسطين والمنطقة بأسرها، ويقيننا أنه أيضًا سيزداد يومًا حتمًا الشعور بتأنيب الضمير لدى الذين نصبوا من أنفسهم وسطاء في القضية ثم انحازوا انحيازًا مخزيًا إلى الجانب الإسرائيلي.
واليقين ذاته يزداد اليوم وهو يشاهد قوة الحق تدفع أصحابها الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وفي أراضي 48 نحو الاستبسال واجتراح وسائل المقاومة، ومقاومة المحتل المعتدي الظالم المدجج بالسلاح بالصدور العارية، بأن المحنة الفلسطينية تتحول إلى لعنة تطارد كل من حاول إخماد توهجها أو عرقلة مسيرة النضال الفلسطيني والعربي لحماية أركان القضية، سواء بالدفاع المسلح أو بالعمل السياسي والدبلوماسي.
ما صنعه أبطال فلسطين المرابطون في القدس ومقدساتها من إظهار لحقهم وقوته، وإبراز لظلم المحتل الإسرائيلي ووحشيته، وتعريته من أي سند قانوني أو حقوقي يمكنه أن يجادل أو يحاجج به، ليس محل فخر واعتزاز للشعوب العربية والإسلامية المتعاطفة والمؤيدة لشقيقها الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما يضعها في موقف حرج ومخجل أنها لم تعد كما كانت بذلك التوهج والحماس والغيرة على الأرض والمقدسات الإسلامية وعلى الدم العربي وعلى الكرامة العربية، وبدل أن تكون بوصلتها نحو ذلك، وجهتها ـ مع الأسف الشديد ـ إلى نفسها فأخذت تنحر ذاتها متخذة من الفتن الطائفية والمذهبية ومن دسائس الأعداء ومخططاتهم ومؤامراتهم وقودًا وصكوكًا تنجز بها ما أراده الأعداء، ولذلك كل العرب والمسلمون اليوم مدعوون إلى إعادة التفكير فيما هم فيه الآن في الوقت الذي تذبح فيه فلسطين من الوريد إلى الوريد وتتحول إلى لقمة في فم محتليها، فكل التحركات الإسرائيلية العدوانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تدل على حقيقة واحدة مؤكدة هي أن كيان الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ إلى إنجاز مشروعه الاحتلالي في المنطقة، وتحقيق حلمه التلمودي المسمى “يهودية الدولة” والقدس عاصمتها الأبدية.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى