جولة جديدة تنطلق اليوم من محادثات جنيف المتعلقة بعملية البحث في الحل السياسي للأزمة السورية، حيث لا مكان للشروط المسبقة وفق ما قال ستافان دي ميستورا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا في الإحاطة التي قدمها أمام مجلس الأمن الدولي عبر الفيديو، مؤكدًا السعي للدفع نحو محادثات جادة وعدم القبول بأي شروط مسبقة من أي طرف، والحاجة إلى وفد معارضة واحد بموقف موحد يكون مستعدًّا لبدء المحادثات دون أي شروط مسبقة وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254.
ومن المؤمل أن تكتسب هذه الجولة أهمية بالنظر إلى ما سيكون على طاولة المحادثات، لا سيما تلك المسائل المتعلقة بالدستور والانتخابات وبعدها موضوع الحكم ومكافحة الإرهاب. إلا أن هذه الجولة يتوقف نجاحها في تحقيق اختراق لافت بما ستبديه “المعارضات” من تجاوب ومرونة، وجدية حقيقية، وتثبت أنها جاءت إلى جنيف لإنجاز الحل السياسي ولا غيره، ولا تحمل أجندات مشغِّليها ومشاريع خارجية تتنافى مع الهدف من المحادثات، ويرفضها الشعب السوري، كما تفعل في كل مرة، حيث تأتي إلى قبة قاعة المحادثات محمَّلةً بمطالب وشروط لا تعكس الإرادة في حل الأزمة سياسيًّا، وإنما تسعى إلى التعطيل وفرض إملاءات من اتخذوها واجهة وديكورات سياسية لهم، وذلك لكسب الوقت ولأجل محاولة تعديل موازين الميدان، مع ما يصاحب هذه الشروط والإملاءات التي لُقِّنت إياها في عواصم أسيادها من أساليب تشويه وتشويش ضد الحكومة السورية والجيش العربي السوري، وقفز إلى قضايا هامشية وغير جوهرية تبرز بوضوح تام الدور الوظيفي لهذه “المعارضات”. وليس أدل على ذلك من أن هذه الجولة هي الثامنة، حيث كان الطرف المعرقل والمعطل في الجولات السبع السابقة هو “المعارضات” ومن تواليه الذي لديه مشاريعه وأجنداته الخاصة ضد الدولة السورية، والمتمثلة في مواصلة التدمير والتخريب حتى التقسيم.
إن هذه الجولة الثامنة تمثل محكًّا حقيقيًّا لمنسوب الاستعداد والجدية والرغبة في إنجاح المحادثات لدى “المعارضات” ومن تقاسمهم الولاء، خاصة وأن هذه الجولة تأتي بعد تطورات ميدانية لافتة، لا سيما بعد نجاح الجيش العربي السوري وحلفائه في تطهير مدينة دير الزور والبوكمال آخر بؤرة إرهابية لتنظيم “داعش”، يضاف إلى هذه التطورات، ما خلصت إليه قمة سوتشي الثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا التي أعطت نتائجها قوة دفع للسير باتجاه الحل السياسي، ومهدت الأرضية اللازمة لجمع الأفرقاء في جولة جديدة وثامنة في جنيف، وكذلك في محادثات سوتشي الروسية المرتقبة التي قد يحدد موعدها لاحقًا في حال غابت أساليب التعطيل والعرقلة؛ لذلك ستكشف “المعارضات السورية” عن وجهها الحقيقي، وتفصح عن حقيقة نياتها اعتبارًا من اليوم، إما بعدم فرض شروط مسبقة، والتأكيد على وحدة أراضي سوريا، ونبذ الإرهاب وإدانته ومحاربته، وإبداء ما يثبت أن الولاء للوطن السوري، والمشاركة الجادة في مناقشة الدستور والانتخابات، وفق ما هو مثبت في قرارات مجلس الأمن الدولي وتم التأكيد عليه أثناء القمة الثلاثية لروسيا وإيران وتركيا في سوتشي، فالقرار الدولي 2254 ينص على أن السوريين أنفسهم ووحدهم فقط من سيقرر مصير بلادهم. وإما تثبت أنها “معارضات” لها وظيفة واحدة كما في كل جولة من جولات المحادثات السياسية وهي التعطيل.
المصدر: اخبار جريدة الوطن