احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / رأي الوطن : توصيات تربط البحوث بالجدوى الاقتصادية

رأي الوطن : توصيات تربط البحوث بالجدوى الاقتصادية

تظل التنمية الزراعية والحيوانية والسمكية المستدامة من القضايا التي تحتل صدارة الاهتمام في بلادنا، وتعكس هذا الاهتمام التوجهات الحكومية الرامية إلى تحقيق خطط الاكتفاء الغذائي، وتنويع مصادر الدخل، وتحفيز المزارع والصياد ومربي الثروة الحيوانية العماني إلى القيام بدوره في تنشيط الاستثمار بهذه القطاعات الحيوية المهمة والتي تشكل حجر الأساس في أية تنمية أخرى، حيث يحتاج المواطن إلى تلبية حاجاته من الغذاء النباتي والحيواني ليكون في حالة صحية واجتماعية جيدة تمكنه من المساهمة في مجالات التنمية الأخرى على اختلاف كمها وكيفها في البلاد.
وتعد الزراعة والثروة الحيوانية والثروة السمكية من أقدم النشاطات التي قام بها الإنسان على الأرض، ومن ثم فإن هذه الأولوية تشير إلى أهمية هذا المورد الإنتاجي، سواء لجهة دوره في تأمين الغذاء ومصادره، أو لجهة كونه مصدرًا من مصادر الدخل، وربما يكون ظهور النفط قد جعل من هذه الأنشطة تتوارى في سلم المصادر الأساسية للدخل الوطني، إلا أن توالي الأزمات المالية العالمية التي نعيش حاليًّا إحداها وهي انهيار أسعار النفط بات يلقي بظلاله الثقيلة على كل مصادر الإنتاج وحركة التجارة العالمية والتصنيع في العالم كله، ما أعاد هذه النشاطات الزراعية والحيوانية والسمكية إلى قائمة الاهتمامات، خاصة بالنسبة للشعوب التي تملك رصيدًا خبراتيًّا عميق الجذور في المجال الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية.
ولما كانت هذه الثروات لا غنى بالنسبة للإنسان لكونها مصدرًا أساسيًّا لبقائه وعيشه، فإن السلطنة لم تألُ جهدًا حيال هذا الأمر، فلا تزال تبذل كل جهد ممكن في سبيل تطوير هذه الثروات ورفع مساهماتها في الناتج المحلي، وتعميق الوعي لدى المواطنين بأهميتها ودورها، سواء من خلال تمكينهم عبر مختلف وسائل الدعم والتسهيلات، أو من خلال الحرص على إدخال وسائل التطوير واستخدام أساليب التكنولوجيا الحديثة في ترشيد الري، وكذلك التوسع في الزراعات المحمية وطرائقها، أو عبر عقد واستضافة المؤتمرات التي تعنى بقطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والثروة السمكية، والبحث في إمكانات الاستثمار واستغلال الأراضي الصالحة للزراعة واستصلاح المزيد منها، وإنشاء مناطق للاستزراع السمكي، والاستفادة من الخبرات المتمحورة حول تطوير هذه القطاعات ورفع نسب إنتاجها.
ويأتي “المؤتمر الوطني الثاني للأبحاث الزراعية والحيوانية والسمكية” الذي اختتمت فعالياته أمس بجامعة السلطان قابوس وبتنظيم من الجامعة ووزارة الزراعة والثروة السمكية بالشراكة مع صندوق التنمية الزراعية والسمكية، ليلقي مزيدًا من الضوء على الجهود المتواصلة لاستغلال هذه الثروات التي حبا الله بها بلادنا، ومن أجل الاستفادة من البحوث والدراسات وخبرات الدول في هذا الشأن. ويجمع المؤتمر عددًا من الخبراء المحليين من مختلف المؤسسات البحثية في السلطنة لعرض أحدث الأبحاث العلمية والمعلومات في مجموعة متنوعة من المواضيع، حيث شارك أكثر من 200 باحث بأوراق علمية بلغ مجموعها 137 بحثًا، منها 75 ورقة علمية و52 ملصقًا علميًّا عرضت تحت قبة المؤتمر في مختلف مجالات علوم النبات والحيوان والبيطرة والعلوم السمكية والبحرية، وعلوم الغذاء والتغذية والبيئة والمياه والمناخ والموارد الطبيعية، ويشارك فيه نخبة من الباحثين من السلطنة ومن عدة جهات حكومية وخاصة وأهلية.
إن مثل هذه المؤتمرات تكتسب أهمية من حيث إنها تسعى إلى ملامسة متطلبات الواقع من خلال التوصيات التي تخرج بها، فالمؤتمر خرج بتوصيات مهمة كالتوصية بتوسيع دائرة المشاركة في المؤتمرات القادم واشتراك القطاع الخاص والجمعيات الأهلية فيه من خلال معرض مصاحب، وإتاحة المجال لعرض تجارب ناجحة في الزراعية والثروة
الحيوانية والسمكية والتصنيع الغذائي، وعقد حلقات عمل تدريبية
طرق البحث وكتابة أوراق علمية واستخدام برامج وأدوات تحليل البيانات والتحليل الإحصائي والنشر العلمي، واستضافة مختصين لعقد حلقات عمل حول آليات تحويل نتائج البحوث إلى مشاريع اقتصادية ناجحة وغيرها. كما تكتسب هذه المؤتمرات أهميتها أنها تأتي في وقت أصبحت فيه هذه الثروات مهددة جراء عدم الوعي بأهميتها ومردوديتها من قبل الكثير من الناس، أو ما تتعرض له الأرض من انتهاكات بسبب الأيدي العاملة الوافدة التي تستغل هذه الأرض لصالحها ودون أدنى اكتراث لما يترتب من خراب وموت بسبب ردمها بالأسمدة الكيماوية سعيًا للحصول على إنتاج وفير وسريع، وهو ما يستدعي قيام الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة والثروة السمكية بسن قوانين أو فرض رقابة صارمة على الأساليب المتبعة في الزراعة والتربية الحيوانية والسمكية حفاظًا على هذه المقدرات والثروات للأجيال القادمة.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى