تأهيل القوى العاملة الوطنية هدف أصيل تزامن مع بداية قيام النهضة المباركة، حيث كان حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على يقين من أن سواعد أبناء الوطن هي التي تبني الوطن، وأن الاستعانة باليد العاملة الأجنبية يأتي كضرورة مرحلية تفرضها طبيعة التحول المتسارع، وعملية البناء والتعمير التي تشكل بنية أساسية لحياة المواطن العماني حتى ينطلق لبناء نفسه وتنمية مهارته في بيئة مستقرة ومستوى معيشي ملائم، ومن ثم أثمرت الأعوام الستة والأربعين الماضية من عمر النهضة هذا الكم الهائل من المدارس ومعاهد التدريب والكليات التقنية والجامعات بكلياتها المختلفة ومعاملها البحثية ودراستها وحلقات عملها المتواصلة لتصب في ذات الهدف. كما أن هذا التأهيل ينطلق من شعور وطني تجاه هذه المخرجات من الجامعات والكليات والمعاهد لتمكينها من شغل فرص العمل المتاحة أو البحث عن مبادرات ومشاريع فردية، وإعطائها الثقة والقدرة على الاعتماد على النفس، وذلك من أجل توفير حياة كريمة وتأمين استقرار اجتماعي ووظيفي في بيئة عمل منتجة مستقرة، تأخذ في الاعتبار مصلحة المواطن والوطن معًا.
وتعد مهمة توفير فرص عمل للباحثين عنها من المخرجات التعليمية مهمة وطنية بامتياز حملتها الحكومة على عاتقها بكل أمانة ومسؤولية، لكنها في الوقت ذاته مهمة شاقة لاعتبارات كثيرة، باتت معروفة لدى الجميع، لذلك يبدو تنظيم سوق العمل ضرورة وطنية لإنجاح سياسة التعمين وتوفير المزيد من فرص العمل للعمانيين، وضمان استقرار هؤلاء في أعمالهم بمختلف مجالات القطاع الخاص، والقضاء على ظاهرة تكدس سوق العمل بأعداد وافدة من العاملين غير ذوي المهارات الاحترافية المتخصصة، وتسرب بعض هذه الأعداد بما يشكل مخاطر محتملة لعملها لدى غير كفلائها، فضلًا عن تحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب بالنسبة لمهن ووظائف معينة يحتاجها السوق، مع إشباع حاجته باستمرار من مختلف المهن والحرف التي تعاني اختلالًا يعجز فيه العرض المتوافر عن تلبية الطلب المتزايد.
ويسلط معرض تشغيل الباحثين عن عمل التخصصي الهندسي الذي بدأت فعالياته أمس بمجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر ويستمر ثلاثة أيام، وبمشاركة 108 شركات توفر 1694 فرصة عمل يتنافس عليها 2200 باحث عن عمل نشط، يسلط الضوء على الجهود القائمة لاستيعاب المخرجات التعليمية في وظائف تناسب تخصصاتهم العلمية، كما يعكس أهمية تضافر الجهود وتكاملها بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص. ويهدف المعرض ـ وحسب القيمين عليه ـ إلى مواءمة الباحثين عن عمل وتصديق عملية التوظيف بحيث يتم قبول الباحثين عن عمل وتوظيفهم مباشرة بعد المواءمة مع الفرص الوظيفية المعروضة في هذه الشركات، ويصدر له العقد من قبل وزارة القوى العاملة المنظمة لهذا المعرض، حيث يتم جمع معظم الباحثين عن عمل النشطين المتخصصين في مختلف مجالات الهندسة تحت سقف واحد مع عدد كبير من شركات ومنشآت القطاع الخاص لتوفير فرص عمل وظيفية مباشرة في هذا المجال، والمواءمة بين التخصصات الهندسية للباحثين عن عمل والفرص الوظيفية التي توفرها الشركات المشاركة في هذا المعرض.
المصدر: اخبار جريدة الوطن
