احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / رأي الوطن : العمل التطوعي إحدى روافع البناء والانتماء

رأي الوطن : العمل التطوعي إحدى روافع البناء والانتماء

تختلف وسائل المشاركة في النهوض بالمجتمع، فهي في مجملها عبارة عن جهود، سواء كانت فردية أو جماعية تتكامل لتشكل دعامة أساسية من دعامات بناء المجتمع وتطويره والرقي به، وتشكل أيضًا مزيجًا مركبًا يعمل على ربط المجتمع بروابط وأواصر قوية من التلاحم والتعاون، وتنشر فيه ثقافة التكافل الاجتماعي بين أفراده.
ويعد العمل التطوعي الخيري إحدى روافع البناء لهذا الوطن العزيز والانتماء، ومجالا رحبا جدا للتعبير عن هذا الانتماء، ويمثل حافزًا قويًّا للجميع لبذل كل الجهود، وإطلاق الطاقات الإبداعية الكامنة لدى المواطنين، وتشجيعًا لمزيد من المشاركة التطوعية نقدا وعينا وجهدا لتنفيذ مجموعة من المشروعات لها صفة النفع العام في مختلف الولايات والمحافظات، كما يعد وسيلة للتعبير الصادق حيال وطنهم ومجتمعهم وعلى الهواء مباشرة من خلال ما يقومون به من أعمال خيرية وتطوعية.
والمتابع لطبيعة مسيرة العمل التطوعي والخيري في بلادنا سيجد أن ما تطرق أبوابه من مجالات مختلفة وتدعو إليه وتحث عليه ينسجم مع أخلاقيات العمانيين وفطرتهم المجبولة على التراحم والتواصل، والحرص على تطوير مجتمعهم وقراهم بالصورة التي تليق ويطمحون إليها، وعلى مساعدة غير القادرين والأخذ بيدهم، وعلى العمل التطوعي بروح الفريق الواحد لتنفيذ كل ما من شأنه تحويل هذه الطباع والعادات إلى واقع معاش، بتحسين ظروف المعيشة والتنقل، وتوفير استراحات على الشوارع العامة لعابري السبيل والمسافرين، وتجميل مداخل القرى والمدن، وزراعة الأشجار والمسطحات الخضراء، إلى غير ذلك من المشروعات التي تتراكم عامًا بعد عام.
وحصاد هذه التجربة حتى الآن يؤكد ملامحها العمانية غير المسبوقة في دول أخرى، ونجاحها في تأكيد وحدة الهدف والمسارات المؤدية إليه بين الجهود الحكومية المتواصلة في هذه المجالات، والجهود التطوعية لسائر المواطنين، حيث يصبح الكل في واحد، بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في العمل الخيري التطوعي، وأهمية المبادرة نحو ذلك لحصد الحسنيين بنيل رضا الله وثوابه نظير ما قدم من عمل وخدمة علنية كانت أو سرية لكل محتاج أو غير قادر على الكسب، أو دعم مشروع خيري، أو كفالة أيتام أو إقامة مدارس أو تسوير مقابر أو إنشاء حدائق ومتنزهات وغير ذلك، وبالأثر النفسي الطيب الذي يتمثل في شعور المواطنين بأنهم أصحاب هذه المشاريع في الفكر والتمويل والتنفيذ، وما يعنيه ذلك من ارتفاع مستوى الإحساس بالمسؤولية لدى كل مواطن، وما ينعكس أيضًا على المظهر العام الذي يتمنون أن يروه على الطبيعة وفي مجتمعهم ومناطق سكناهم.
وما أوصت به ندوة “العمل التطوعي تنظيمًا وأداءً” التي نظمتها وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) في ختام أعمالها بفندق جراند ميلينيوم يوم أمس يعد تطويرًا وتأطيرًا لثقافة العمل التطوعي في السلطنة، حيث حرصت الندوة خلال الدورات التدريبية التي أقامتها للمتطوعين في الجمعيات والمؤسسات التطوعية على إكسابهم الخبرات والمهارات المناسبة، ومساعدتهم في رفع كفاءتهم في هذا النوع من العمل، وكذلك الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال، موصية بالتركيز في الأنشطة التطوعية على البرامج والمشروعات التي ترتبط بإشباع الاحتياجات الأساسية لأفراد المجتمع الذين هم بحاجة إليها، لما يمثله هذا الجانب الخيري من مكانة لدى الراغبين في العمل التطوعي، ما يسهم في زيادة الإقبال على المشاركة والدعم في هذه المشاريع، إضافة إلى أهمية أن يلعب الإعلام دوره بزيادة الجرعة التثقيفية والتوعوية بقيمة العمل التطوعي ومنافعه على الجميع، وإبراز العاملين فيه ونجاحاتهم، مع عدم إغفال أهمية دعم البحوث والدراسات العلمية حول العمل الاجتماعي التطوعي، فضلًا عن أهمية التخطيط الاستراتيجي في القيام بالأنشطة التطوعية، بحيث يتم تحديد الأهداف بشكل واضح والبرامج اللازمة لتنفيذها على ضوء الموارد الحالية والمتوقعة.
إن انتشار ثقافة العمل التطوعي والخيري وتنافس المجتمع أفرادًا ومؤسسات وهيئات وشركات ليس ترفًا تفرضه المدنية وتطور حياة الناس وأسلوبهم المعيشي. وفي ظل ما يشهده المجتمع من زيادة في عدد أفراده وتنامٍ في المتطلبات والاحتياجات ليس بالضرورة أن تكون الدولة قادرة على تلبية كافة متطلبات مواطنيها وإشباع حاجاتهم، إلا أن العمل الخيري والتطوعي كأحد جوانب التكافل الاجتماعي يبقى مطلبًا لدى الكثير من المعوزين باعتباره وسيلة تخفف عن كاهلهم أعباء الحياة ومصاعبها، ووسيلة لذوي اليسر والغنى الساعين إلى خدمة مجتمعهم وأفراده، وإلى نيل رضا الله وإثقال ميزان حسناتهم بالصدقة والزكاة.

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى