الارتفاع الذي شهده الاستثمار الأجنبي المباشر بالسلطنة بنهاية الربع الثالث من العام 2016، حيث بلغ ما قيمته 7 مليارات و27 مليونًا و800 ألف ريال عماني بارتفاع 154 مليون ريال عماني، يؤكد أن الاقتصاد العماني يسير في طريق النمو بخطى ثابتة، وبرغم ذلك لا تزال المؤشرات تشير إلى أن قطاع النفط لا يزال المسيطر على الاقتصاد الوطني، حيث استحوذ نشاط استخراج النفط والغاز على الكم الأكبر من الاستثمار الأجنبي المباشر بالسلطنة مسجلًا بنهاية الربع الثالث من 2016 ما قيمته 3 مليارات و26 مليونًا و700 ألف ريال عماني.
وهو ما يحتاج إلى إعادة صياغة خاصة في ظل البدائل التي تمتلكها السلطنة، والقادرة على الوصول إلى التنويع المأمول، مثل الموانئ التجارية التي تقع على خطوط الملاحة العالمية والتي من المتوقع أن يكون لها إسهامات مباشرة في تعزيز الإيرادات في الموازنة العامة الدولة، وكذلك التنوع الجغرافي الذي يعزز من منظومة السياحة ورفد الموازنة بالإيرادات، وكذلك المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم التي نرى أن اكتمال المشاريع فيها سوف يؤدي بطبيعة الحال إلى إيجاد حركة تجارية نشطة بين السلطنة ومختلف دول العالم، بالإضافة إلى المشاريع العملاقة في القطاع السمكي، وقطاع الصناعات التحويلية التي تمثل جميعها بوابة واسعة للخروج من عصر النفط، إلى عصر جديد من الموارد المتنوعة التي تعزز النمو المستدام، وتفتح آفاقًا جديدة للمستقبل.
فبرغم ما اجتذبه القطاع الصناعي من استثمارات في فبراير الماضي، والتي بلغت حوالي 986 مليونًا و400 ألف ريال عماني، إلا أن ذلك ليس بالكافي نظرًا لأهمية هذا القطاع الواعد في تحقيق نقلة اقتصادية، خاصة في توطين اقتصاد المعرفة، ومشاريع القيمة المضافة، كما أن قطاع السياحة لم يحظَ بعد بالتدفق الاستثماري المطلوب من أجل النمو في القطاع، وذلك رغم الجهود الحكومية الدائمة الساعية لجذب الاستثمارات الحقيقية لتلك القطاعات التي تمثل أعمدة رئيسية تعتمد عليها الخطة الخمسية التاسعة.
نعي أنه لا تزال الجهود الحكومية الساعية لحفز تلك القطاعات تمر بالمراحل الأولية عبر برنامج تنويع الاقتصاد الوطني، وأن الخطوات الحكومية تسير بخطى متسارعة نحو تنفيذ المبادرات الاقتصادية لهذه القطاعات، وما يصاحب ذلك من ترويج لتلك القطاعات في كافة المحافل الدولية، وما يواكب ذلك من حوافز اقتصادية، وتسريع عمليات سن القوانين والتشريعات التي تقدر على التماهي مع التوجه الاقتصادي الجديد، بالإضافة إلى الخطوات الفعالة من خلال تيسير إجراءات الاستثمار عبر بوابة الحكومة الإلكترونية، وتنافس كافة القطاعات الحكومية في تقديم خدمات ذات جودة عالية وسريعة، إلا أن التنافسية العالمية لا تزال تحتم مزيدًا من الخطوات.
فجذب المزيد من الاستثمارات هو أهم مفاتيح الرسوخ الاقتصادي، خاصة في بلدنا التي استثمرت عوائد نهضتها المباركة في إقامة مشاريع تنموية عملاقة، رسمت ملامح مستقبل زاهر للأجيال القادمة، لكنها تحتاج لبعض اللمسات البسيطة حتى تؤتي أُكلها، وتستفيد من تلك المشاريع والأموال التي أُحسن استثمارها في البنى الأساسية، إنها جهود مباركة بدأت منذ بواكير عصر النهضة المباركة، وينتظر أبناء هذه الأرض الطيبة ثمارها اليانعة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن