احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / خطبة الجمعة: الإِدَارَةُ الْمَاليـَّةُ للأُسْرَةِ

خطبة الجمعة: الإِدَارَةُ الْمَاليـَّةُ للأُسْرَةِ

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ الاعْـتِدالَ فِي الإِنْفَاقِ سِمَةَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، جَعَلَ خَيْرَ الأُمُورِ أَوْسَطَهَا، وَنَهَى عَنْ سُلُوكِ سَبِيلِ الْمُسْرِفِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَرْشَدَ إِلى التَّخْطِيطِ السَّلِيمِ، وَهَدى إِلى مَسَالِكِ التَّيْسِيرِ، صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اقْـتَفَى أَثَرَهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:
اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعْـلَمُوا أَنَّ النَّاسَ وَهُمْ يَنْعَمُونَ فِي ظِلِّ الْحَيَاةِ الْمُعَاصِرَةِ بِتَطَوُّرَاتٍ اقْتِصَادِيَّةٍ، تَمَثَّلَتْ فِي وَفْرَةِ الإِنْتَاجِ، وَسُرْعَةِ التَّوْزِيعِ، وَتَقَدُّمِ الاتِّصَالاتِ، وَسُهُولَةِ الْمُوَاصَلاتِ، وَزِيَادَةِ الدَّخْلِ، كَانَ مِنَ الأَوْلَى بِهِمْ أَنْ يَتَعَاطَوْا مَعَهَا عَلَى أَنَّهَا وَسَائِلُ لا غَايَاتٌ، وَأَسْـبَابٌ تَخْدِمُ أَهْدَافًا كُبْرَى، لَكِنَّ بَعْضَ الأُسَرِ وَظَّفَتْ تِلْكُمُ الْمَظَاهِرَ الْعَصْرِيَّةَ تَوْظِيفًا سَيِّـئًا، حِينَمَا مَالَتْ إِلَى عَدَمِ التَّوَسُّطِ فِي الاسْتِهْلاكِ، وَارْتَضَتِ التَّرَفَ وَالْبَذَخَ، وَشُغِلَ أَفْرَادُهَا بِالتَّسَوُّقِ لِحَاجَةٍ وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَأَخْطَرُ مِنْ هَذَا وَذَاكَ أَنْ وَصَلَ الأَمْرُ بِبَعْضِ الأُسَرِ إِلَى التَّبَاهِي بِمَا تَمْـلِكُهُ، وَالتَّفَاخُرِ بِمَا فِي أَيَدِي أَبْـنَائِهَا، مُتَنَاسِيَةً أَنَّ الْمَالَ مَالُ اللهِ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى قِوَامَ الْحَيَاةِ، وَاسْـتَخْلَفَ النَّاسَ عَلَيْهِ لِيُنْـفِقُوهُ الإِنْفَاقَ الْحَسَنَ؛ فَهُوَ إِنْفَاقٌ عَدْلٌ لا إِفْرَاطَ فِيهِ وَلا تَفْرِيطَ، لا يَزِيدُ عَنِ الْحَاجَةِ فَيَنْقَلِبَ إِسْرَافًا، وَلا يَقْصُرُ دُونَهَا فَيُصْبِحَ تَقْتِيرًا وَإِجْحَافًا، يَقُولُ الْحَقُّ تَعَالَى فِي وَصْـفِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ: ” وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ” (الفرقان 67).
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ مِمَّا يُحَقِّقُ النَّجَاحَ فِي إِدَارَةِ اقْتِصَادِ الأُسْرَةِ، وَيُؤَدِّي إِلَى اتِّجَاهَاتٍ اسْـتِهْلاكِيَّةٍ إِيجَابِيَّةٍ
تَنْمِيَةَ الْفِكْرِ الاقْتِصَادِيِّ لَدَى أَفْرَادِ الأُسْرَةِ، وَذَلِكَ بِتَرْبِيَةِ النَّفْسِ وَالأَهْـلِ وَالْوَلَدِ تَرْبِيَةً إِسْلامِيَّةً قَائِمَةً عَلَى الْعَدَالَةِ وَالْوَسَطِيَّةِ، وَالاتِّزَانِ فِي اقْتِنَاءِ مَا يَحْـتَاجُ إِلَيْهِ الإِنْسَانُ بِمَا يَتَنَاسَبُ مَعَ الدَّخْلِ الشَّهْرِيِ. دَخَلَ سَيِّدُنَا عَمَرُ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – يَوْمًا عَلَى ابْـنِهِ عَاصِمٍ وَهُوَ يَأْكُلُ لَحْمًا، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَرِمْـنَا إِلَيْهِ (أَيْ: اشْتَهَتْهُ نَفْسُهُ)، فَقَالَ: أَوَكُلَّمَا قَرِمْتَ إِلَى شَيْءٍ أَكَلْتَهُ! كَفَى بِالْمَرْءِ سَرَفًا أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَى”، فَتَجَنُّبُ كُلِّ مَا يُؤَدِّي إِلَى الإسْرَافِ لا بُدَّ مِنْ وَضْعِهِ عَلَى رَأْسِ قَائِمَةِ التَّخْطِيطِ، فَإِنَّ السَّرَفَ قَرِينُ التَّلَفِ، وَالْعَمَلُ عَلَى كَبْحِ مَيَلانِ النَّفْسِ إِلَى جَمْعِ الْحَاجَاتِ بِلا دَاعٍ نَوْعُ عِبَادَةٍ، فَإِنَّ النَّفْسَ جُبِلَتْ عَلَى حُبِّ الْعَاجِلِ وَالاستِكْـثَارِ مِنْ مُتَعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَإذَا نَظَرْتَ – رَعَاكَ اللهُ-، إِلَى خَيْرِ أُسْرَةٍ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى أَنْ نَقْتَدِيَ بِعَائِلِهَا، وَجَدتَ الْمَوْلَى جَلَّ وَعَلا يُخَاطِبُهُ بِقَوْلِهِ: ” وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) ” فِي تَرْبِيَةٍ بَيِّنَةٍ، عَلَى التَّوَسُّطِ وَالاعْـتِدَالِ فِي النَّفَقَةِ، مَهْمَا بَلَغَ مَالُ الإِنْسَانِ، وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا))، وَالْكَفَافُ عَلَى قَدْرِ النَّفَقَةِ لا فَضْـلَ فِيهَا وَلا نُقْصَانَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْعَادَاتِ الاسْـتِهْلاكِيَّةِ فِي الْمُجْـتَمَعِ رَأَيْـنَا مَا يُثْـقِلُ الْكَاهِلَ وَيُنْكِرُهُ الْعَاقِلُ، فَاسْـتِهْلاكُ الْكَهْرَبَاءِ وَالْمَاءِ وَالْهَاتِفِ فِي ارْتِفَاعٍ، وَلا رَيْبَ أَنَّ ذَلِكَ مَرْجِعُهُ إِلَى الْعَادَاتِ الْخَاطِئَةِ فِي التَّعَامُـلِ مَعَ هَذِهِ الْجَوَانِبِ الْمُهِمَّةِ فِي حَيَاةِ الإِنْسَانِ الْمُعَاصِرِ، وَمِمَّا يَزِيدُ الأَمْرَ تَرَاكُمًا عَدَمُ النَّظَرِ فِي أَسْـبَابِ ذَلِكَ الارْتِفَاعِ، مَعَ أَنَّ الْحَلَّ سَهْـلٌ مَيْسُورٌ، وَفَاعِلَهُ عِنْدَ اللهِ مَأْجُورٌ، فَلَوْ تَعَوَّدَ أَفْرَادُ الأُسْرَةِ عَلَى الاستِخْدَامِ الأَمْـثَلِ الَّذِي يُحَقِّقُ الْهَدَفَ دُونَ إِسْرَافٍ وَتَبْذِيرٍ، لِكَانَتِ النَّتِيجَةُ رَاحَةً وَأَمَانًا، وَلَوْ أَدْرَكُوا أَهَمِّـيَّةَ تِلْكَ الْمَوَارِدِ لأَفْـلَحَ ذَلِكَ تَرْشِيدًا وَتَوْفِيرًا، ذَلِكَ أَنَّا لَوْ تَأَمَّـلْنَا فِي ثَرْوَةِ الْمَاءِ مَثَلاً وَأَهَمِّـيَّتِهَا فِي حَيَاةِ الأُمَمِ وَالْجَمَاعَاتِ لأَدْرَكْنَا أَنَّ قَطَرَاتِ الْمَاءِ الضَّائِعَةَ تُعَدُّ تَبْذِيرًا اقْتِصَادِيًّا، مِمَّا يُثْقِلُ كَاهِلَ الأُسْرَةِ بِتَكَالِيفَ إِضَافِيَّةٍ لا دَاعِيَ لَهَا، وَهَذَا يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى الأُسْرَةِ وَالْمُجْـتَمَعِ، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْـبَةِ لِلْكَهْرَبَاءِ، عَلَى أَفْرَادِ الأُسْرَةِ أَنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى حَاجَتِهِمْ مِنَ الأَجْهِزَةِ وَالْمَصَابِيحِ، وَالزّائِدُ عَنِ الْحَاجَةِ أَوْلَى بِهِ زِرُّ الإِطْـفَاءِ، وَمِمَّا يُنَبَّهُ لَهُ أَنَّ اسْـتِخْدَامَ الأَجْهِزَةِ الْمُوَفِّرَةِ للطّاقِةِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَوَفِّرَ عَلَى الأُسْرَةِ وَالْمُجْـتَمَعِ كَثِيرًا. وَلا نَنْسَى مَجَالَ الاتِّصَالاتِ؛ فَقَدْ تَرْتَفِعُ تَكَالِيفُهُ بِسَبَبِ الكَلامِ الزَّائِدِ وَالتَّوَسُّعِ فِي القِيلِ وَالْقَالِ، وَمِنْ جَوَانِبِ الإِسْرَافِ -يَا عِبَادَ اللهِ- لَدَى الإِنْسَانِ الْمُعَاصِرِ الصَّرْفُ الزَّائِدُ عَنِ الْحَدِّ لِشِرَاءِ الأَجْـهِزَةِ الْحَدِيثَةِ، وَرُبَّمَا سَنَوِيًّا، بِمَا لا طَائِلَ مِنْ وَرَائِهِ سِوَى اللَّهَثِ وَراءَ الْجَدِيدِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْـتَعْمَلٍ وَلا مُفِيدٍ. إِنَّ التَّوَازُنَ وَالتَّرشِيدَ فِي الاستِهْلاكِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَبْعَثَ الرَّاحَةَ الاقْتِصَادِيَّةَ فِي الأُسَرِ، أَمَّا سُلُوكُ الإِنْفَاقِ الزَّائِدِ فِي الْكَمَالِيَّاتِ، لِلْمُحَاكَاةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَالتَّقْـلِيدِ الأَعْمَى دُونَ وَعْيٍ وَإِدْرَاكٍ، فَهَذَا يَسْتَنْزِفُ مَبَالِغَ طَائِلَةً، وَلا أَقْرَبَ فِي ذَلِكَ مِنْ شِرَاءِ الْمَلابِسِ وَالْكَمَالِيَّاتِ الأُخْرَى دُونَ حَاجَةٍ مُلِحَّةٍ، وَلَوْ أَنَّ أَفْرَادَ الأُسْرَةِ تَأَمَّـلُوا فِيمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُقْـتَنَيَاتِ لَوَجَدُوا الْكَثِيرَ مِنْهَا لا حَاجَةَ لَهُمْ فِيها، وَلا سِيَّما مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ مِنْ شَرَهٍ عَلَى الشِّرَاءِ دُونَ عَدٍّ وَحِسَابٍ، إِنَّهُ التَّبْـذِيرُ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ نَاهِيًا عِبَادَهُ: ” وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) الاسراء ، وَلَقَدْ حَذَّرَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ مِنْ مَغَبَّةِ سُلُوكِ أَهْـلِ التَّبْذِيرِ غَايَةَ التَّحْـذِيرِ فَقَالَ: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) الاسراء
فَاتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ -، وَلا تَظُنُّوا أَنَّ التَّنْبِيهَاتِ الَّتِي سَمِعْـتُمُوهَا دَعْوَةٌ إِلَى الشُّحِّ وَالتَّقْـتِيرِ، وَإِنَّمَا لِنَبْذِ الإِسْرَافِ وَالتَّبْـذِيرِ، فَاعتَدِلُوا فِي وُجُوهِ الاستِهْلاكِ، وَاتَّزِنُوا فِي البَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالأَخْذِ وَالعَطَاءِ، وَرَاعُوا الحَلالَ الطَّيِّبَ وَاحذَرُوا مَا قَدْ يُوقِعُكُمْ وَأَهْـلَكُمْ وَوَلَدَكُمْ فِي العِلَلِ وَالأَمْرَاضِ، تَعَامَلُوا مَعَ مَالِ اللهِ بِمَا يُرْضِي اللهَ، وَاجعَلُوهُ وَسِيلَةً تُمَهِّدُ لَكُمْ خَاتِمَةَ السَّعَادَةِ.
أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
*** *** ***
الْحَمْدُ للهِ عَلَى جَزِيلِ فَضْـلِهِ وَعَطَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خِيرَةُ أَنْبِيَائِهِ وَأَصْـفِيَائِهِ، صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَتْبَاعِهِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ إِتقَانَ الاقْتِصَادِ الْمَنْزِلِـيِّ أَصْبَحَ فِي زَمَانِنَا هَذَا ضَرُورَةً لا مَحِيدَ عَنْهَا، وَلَيْسَ مِنْ رَجُلٍ مِثْلِكَ، أَيُّهَا الْمُسْـلِمُ، يُجِيدُ ذَلِكُمُ الإِتقَانَ، وَيُبْدِعُ فَنَّ إِدَارَةِ اقْتِصَادِ الأُسْرَةِ حَتَّى يَبْـلُغَ بِهِ دَرَجَةَ الإِحْسَانِ، لأَنَّ إِسْلامَكَ يَرْسُمُ لَكَ أَهْـدَافَ الاقْتِصَادِ الأُسْرِيِّ مَاثِلَةً أَمَامَ عَيْـنَيكَ: فَتَهْدُفُ أَوَّلاً إِلَى تَحْـقِيقِ رِضَا اللهِ تَعَالَى عَنْكَ حَالَ إِنْفَاقِكَ لِلْمَالِ عَلَى أَسْرَتِكَ مِثْلَمَا حَرَصْتَ عَلَى رِضَاهُ سُبْحَانَهُ حَالَ اكْتِسَابِكَ لِلْمَالِ، وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: ((لا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْـأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ – وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْـنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْـتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟))، وَتَهْدُفُ ثَانِيًا إِلَى التَّخْطِيطِ الأَمْـثَلِ لإِدَارَةِ اقْتِصَادِ الأُسْرَةِ إِدَارَةً سَلِيمَةً، فَإِنَّ مَنْ مَضَى فِي أَمُورِ حَيَاتِهِ بِلا تَخْطِيطٍ أَصَابَ مَرَّةً وَأَخْطَأَ عَشْرًا، وَلِذَلِكَ يُوصِي خُبَرَاءُ الاقْتِصَادِ الأُسْرِيِّ، بِتَقْسِيمِ دَخْلِ الأُسْرَةِ إِلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ: بَدْءًا مِنْ وَضْعِ مِيزَانِيَّةٍ لَجَمِيعِ مَا يَحْـتَاجُ إِلَيْهِ أَفْرَادُ الأُسْرَة ِمِنْ مَصْرُوفَاتٍ وَفْقَ خُطَّةٍ مَحْـكَمَةٍ مَبْـنِيَّةٍ عَلَى فِقْهِ الأَولَوِيَّاتِ بِلا بَذَخٍ وَلا تَقْـتِيرٍ، ثُمَّ لا بُدَّ مِنْ تَشْجِيعِ أَفْرَادِ الأُسْرَةِ عَلَى الادِّخَارِ لِمُوَاجَهَةِ مَا قَدْ يَطْرَأُ مِنْ أَمُورٍ تُضْطَرُّ بِهِ الأُسْرَةُ إِلَى بَذْلِ الْمَالِ فِيهَا، لا لأَجْـلِ الاكْتِنَازِ وَحُبًّا فِي جَمْعِ الْمَالِ، فَإِنَّ الادِّخَارَ مَشْرُوعٌ وَالْكَنْزَ مَمْـنُوعٌ، وَكُلُّ مَالٍ أُدِّيْتَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ، وَلا نَنْسَى أَنَّ مِنَ التَّخْطِيطِ الْمُهِمِّ، الاستِثْمَارَ بِمَا يُؤَدِّي إِلَى التَّجْدِيدِ فِي طُرُقِ زِيادَةِ الدَّخْلِ وَتَعَدُّدِ مَصَادِرِهِ، فَبِنَاءُ الأُسْرَةِ الْمُنْتِجَةِ مَطْـلَبٌ مُهِمٌّ لأَجْـلِ رِفْعَةِ الْمُجْـتَمَعِ وَالْمُسَاهَمَةِ فِي تَقْوِيَةِ اقْتِصَادِهِ.
فَاتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ -، وَالْتَزِمُوا هُدَى اللهِ الَّذِي هَدَاكُمْ إِلَيْهِ، وَتَوَاصَوْا بِمَا أَوْصَاكُمْ بِهِ اللهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم ، وَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُبَذِّرِينَ إِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ، وَاجْـتَنِبُوا أَحْوَالَ الْمُتْرَفِينَ، وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152) الشعراء
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) الأحزاب
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ بِكَ نَستَجِيرُ، وَبِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ أَلاَّ تَكِلَنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ يَا مُصْلِحَ شَأْنِ الصَّالِحِينَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ، وَأَيِّدْهُ بِنُورِ حِكْمَتِكَ، وَسَدِّدْهُ بِتَوْفِيقِكَ، وَاحْفَظْهُ بِعَيْنِ رِعَايَتِكَ.
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا وَزُرُوعِنَا وكُلِّ أَرْزَاقِنَا يَا ذَا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ، المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدُّعَاءِ.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى