احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / الندوة تناقش محاور فقه العدل في الإسلام وحقوق الإنسان في الإسلام وحقوق الإنسان في المواثيق الدولية والفقه الإسلامي

الندوة تناقش محاور فقه العدل في الإسلام وحقوق الإنسان في الإسلام وحقوق الإنسان في المواثيق الدولية والفقه الإسلامي

لليوم الثاني على التوالي ومن خلال ست جلسات
متابعة ـ علي بن صالح السليمي:
لليوم الثاني تتواصل فعاليات ندوة تطور العلوم العلوم الفقهية الثالثة عشرة (الفقه الاسلامي: المشترك الإنساني والمصالح) .. والتي تعقد خلال الفترة من 6 وحتى 9 أبريل الجاري بفندق جراند حياة مسقط خلال فترتين صباحية ومسائية وبتنظيم وإشراف من وزارة الاوقاف والشؤون الدينية بشكل سنوي .. بمشاركة عدد من أصحاب المعالي وزراء الأوقاف والشؤون الدينية وأصحاب السماحة مفتييّ بعض الدول العربية والإسلامية علماء ومفكرين من داخل السلطنة وخارجها من خلال طرح 68 ورقة عمل في مواضيع متنوعة عبر 8 محاور تناولت العدل والمساواة وحقوق الانسان.والمشترك الانساني في الفقه الاسلامي ..وغيرها.
حيث قدمت يوم امس ست جلسات، ثلاث منها صباحية وثلاث اخرى في الفترة المسائية، ففي الفترة الصباحية قدمت الجلسة الرابعة من الندوة وكانت حول محور (فقه العدل في الاسلام)، حيث تحدث الاستاذ الدكتور عوض محمد عوض ورقة عمل حول (العدل في الفقه الجنائي الاسلامي)، كما قدم الاستاذ الدكتور احمد عوض عبد المجيد هندي أستاذ قانون المرافعات وعميد كلية الحقوق جامعة الاسكندرية السابق ورقة عمل حول (العدالة الاجرائية في الفقه الاسلامي .. أثر الظلم في تغيير مسار الفقه)، فيما قدم الاستاذ الدكتور محمد باهي ابو يونس ورقة عمل حول (العدالة في الفقه الدستوري الاسلامي)، واخيرا قدم الاستاذ الدكتور سعيد بنسعيد العلوي ورقة عمل عن (مفهوم العدل في الاتجاه الاصلاحي العربي الحديث)، بعدها تم مناقشة اوراق العمل مع الحضور.
وفي الجلسة الخامسة كان محورها (فقه حقوق الانسان في الاسلام)، حيث تحدث الدكتور سيف بن سالم الهادي عن (الانسان وحقوقه في القرآن الكريم)، كما تحدث الاستاذ جمعة بن خلفان البطراني عن (الانسان وحقوقه في السنة انبوية الشريفة)، وتحدث الاستاذ ابراهيم بن ناصر الصوافي عن (حقوق المحاربين في الفقه الاسلامي)، واخيرا قدم الاستاذ الدكتور ورقة عمل حول (حقوق وواجبات المسلم في غير بلاد الاسلام)، بعدها تم مناقشة اوراق العمل مع الحضور.
اما في الجلسة السادسة فتناولت نفس المحور في الجلسة الماضية، وهو(فقه حقوق الانسان في الاسلام)، حيث قدم الاستاذ الدكتور عبدالرزاق قسوم ورقة عمل حول القواعد الفقهية وحقوق الانسان، فيما قدم الاستاذ الدكتور عمار الطالبي ورقة عمل عن مصادر حقوق الانسان في الفيه الاسلامي، كما تحدث الدكتور باحمد رفيس عن حقوق الانسان في الغذاء السليم، واخيرا قدم الاستاذ الدكتور عبدالستار ابو غدة عن فقه السنة وحماية العقل في الاسلام، بعدها تم مناقشة اوراق العمل مع الحضور.
وفي الفترة المسائية عقدت الجلسة السابعة وكان محورها تواصلا للجلسة السادسة وهو(فقه حقوق الانسان في الاسلام)، حيث قدم الدكتور داؤود بورقيبة ورقة عمل حول حقوق الطفل في القرآن، وتحدث الاستاذ الدكتور عبدالحميد مدكور من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة
عن حقوق الانسان ومقاصد الشريعة الاسلامية، فيما تناول الاستاذ راشد بن علي الدغيشي ورقة عمل عن الحرية مظهر من مظاهر حقوق الانسان في الاسلام،بعدها تم مناقشة اوراق العمل مع الحضور.
وفي الجلسة الثامنة تناولت الندوة محورا حول (حقوق الانسان في المواثيق الدولية والفقه الاسلامي)، حيث قدم الاستاذ الدكتور عبدالعزيز ساشدينا ورقة عمل عن رؤية فقهية لاعلان الاستقلال الاميركي، فيما قدم الاستاذ الدكتور احمد ابو الوفاء محمد ورقة عمل عن رؤية فقهية للاعلان الفرنسي لحقوق الانسان والمواطن، واخيرا تحدث الاستاذ الدكتور اشرف ابو الوفا في ورقة عمل عن مفهوم المواطنة وحقوق الانسان، بعدها تم مناقشة اوراق العمل مع الحضور.
اما الجسلة التاسعة والاخيرة في مساء امس فقد تناوات نفس المحور السابق، وتحدث خلالها سماحة الشيخ احمد مبلغي عن رؤية فقهية للاعلان العالمي لحقوق الانسان، كما تحدث الاستاذ الدكتور محمد نبيل غنايم عن رؤية فقهية للاعلان الاسلامي لحقوق الانسان، واخيرا قدم الاستاذ الدكتور حميد لحمر ـ أستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله/فاس بالمملكة المغربية ورقة عمل حقوق الانسان في الاعلانين العالمي 1984 والاسلامي 1990 والموازنة بينهما والخصوصيات، بعدها تم مناقشة اوراق العمل مع الحضور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقاءات
ــــــــــــ
* المشترك الانساني له أسس وقواعد من الدين
الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن محمد العوضي ـ مشارك بورقة عمل بعنوان:” فقه المشترك الانساني في الفقه الشافعي ” الغزالي وعز الدين بن عبدالسلام أنموذجا” قال: تتحدث الورقة عن المشترك الانساني بصفة عامة كرجوع هذا الانسان الى آدم وآدم من تراب أي ان اصل هذه البشرية هو اصل واحد وان المشتركات كبيرة لا حصر لها بين هذه الشعوب والامم انطلاقا من قول الحق سبحانه وتعالى:”ياأيها الناس انا خلقانكم من ذكر وانثى وجعلناكم قبائل وشعوب لتعارفوا ان اكرمكم عندالله اتقاكم”، فهذا المشترك بين الناس جميعا سواء كانوا اديانا او كانوا مذاهب او كانوا مختلفين في الافكار في هذه الحياة فهم دائما مشاركين كثيرا في المعاملات او السكنى او التجارة وغير ذلك مما يمتلكونه في هذه الحياة.
موضحا بأن الاسلام قد وضع قواعد لهذا المشترك من منطلق قول الحق سبحانه وتعالى: (ياايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجلا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام، ان الله كان عليكم رقيبا).
مؤكدا بأن هذه الندوة في نسختها الثالثة عشرة هي استكمال لما مضى من النظريات الفقهية ومن فقه التعايش ومن الفقه الاسلامي والمشترك الانساني ، فهي حقيقة في هذا العام ارى ان هذا العنوان هو من اعظم العناوين واقواها من التي مضت لانها تجمع مصالح الناس جميعا وان المشترك الانساني فعلا له اسس وقواعد من الدين اعظمها العدل والمساواة التي يميل لها كل انسان والظلم والتهميش والاقصاء لا يقبلها اي انسان كان مهما كان من ديانة او مذهب او ملة او نحلة.
ــــــــــــــــــــــــ
* التركيز على المشتركات ضرورة

وقال الشيخ هلال بن حسن اللواتي مشارك بورقة عمل حول فقه المشترك الانساني في الفقه عند الامامية “النائيني والانصاري أنموذجا”: تتناول الورقة الابحاث عما هو عند العالمين من مباني واحكام شرعية فقهية متعلقة بهذا العنوان وهو فقه المشترك الانساني، وكيف تناولوا وبحثوا وتعاملوا مع مختلف الاجناس البشرية وليس فقط الانسان المسلم، فنجد في كتبهما الكثير من المفردات التي تحرص على كيفية التعامل مع الانسان بما هو انسان ومن خلال ملاحظتي لبعض الاطروحات وجدت ان مسألة ظاهر ليست مسألة مختصة بعالم او بمدرسة دينية بل هي مشترك ومنشأوها الفطرة الانسانية والخلقة والخالق سبحانه وتعالى فهو خالق جميع الناس.
وقال: هان لا بد ان يكون هناك مشتركات بيننا والتركيز على المشتركات هو الاهم خصوصا في وضعنا الراهن الذي نعيشه اليوم فهناك من يحاول ان يرسخ فكرا ويؤصل موضوع التمايز، حيث ان هذا التمايز لا ينبغي ان يكون بيننا بالذات نحن في تعاملاتنا، فالتمايز هو من يميزه الله عزوجل ” .. ان اكرمكم عند الله اتقاكم”، فينبغي ان نلتزم بما جاء به القرآن وان نتعيش بيننا بسلام ووئام وتسامح وننظر الى المشتركات التي بيننا فنعيش مع بعضنا البعض، اما التركيز على الجانب المختلف فهذا لا يقدم بل يؤخر كثيرا.
ــــــــــــ
* العبادات .. تعايش مشترك
الاستاذ الدكتور محمود مصطفى عبود آل هرموش مشارك بورقة بحث عن فقه المشترك الانساني في الفقه العماني “ابن بركة” اوضح انه من خلال ورقته تناول مقاصد خمسة وهي:(حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ المال وحفظ النسب).
مبينا بأن العبادات بجميع انواعها هي تعايش مشترك سواء في الصلاة او الزكاة او الصوم او الحج وكلها طهارة للنفس وتزكية لها وراحة للانسان، وكذلك حفظ النفس من حيث القصاص والحدود والديات، حيث اوجب القصاص في القتال من اجل حرمة النفوس، وحفظ المال من حيث البيوع والكفالات والشهادة على الدَّيَن وتحريم مال الصبي والضمانات حيث هناك ضابطان هما: تحريم الربا وتحقيق الرضا، ومن ذلك جاء تحريم الخديعة والغش والنجش وتحريم الغرر وبيع الثمار قبل بدء صلاحها، وبيع مال الوالد لولده حيث سماه الشيخ ابن بركة في مؤلفه بأنه (لص)،فكل شئ هو حلال ما لم يخدش الدين وقاعدة العرف والضرر والمشقة تجلب التيسير.
ـــــــــــــــــ
* من أورق العمل بالندوة

“حقوق الإنسان في الإعلانين: العالمي 1984 والإسلامي 1999″ والموازنة بينهما والخصوصيات ـ حميد لحمر

تحدث عن ورقته قائلا: تعالج هذه المداخلة موضوعا من مواضيع وقتنا الراهن، موضوع يعتبر من أهم ما يمكن تدارسه في مجلس (الدورة الـ 13) في المحور: حقوق الإنسان في المواثيق الدولية والفقه الإسلامي، في وقت ازدادت فيه كثرة الاحتجاجات على انتهاك حقوق الإنسان في المحافل الدولية على الخصوص وفي أروقة المنظمات الدولية احتجاجات وشجب و تنديد في الأوراق، وكذا في وقت أيضا كثرت فيه الحروب، وبرزت فيه ظاهرة الظلم، وتجاوز حقوق الإنسان، ولم تعد قيمة، لا للإعلان العالمي الأممي، ولا للإعلان الإسلامي، وأصبحت الأمم المتحدة عاجزة أمام ما يحدث في العالم، وعادت منظمة المؤتمر الإسلامي مجرد محفل لا دور لها في تفعيل ومتابعة إعلانها الإسلامي، وتوالت النداءات من بعض الجهات الغيورة بتفعيل الإعلان الإسلامي بدل الاعتماد على الإعلان العالمي، لأجله رأيت وآثرت أن أتحدث حول هذا الموضوع، كمساهمة إلى جانب المشاركات التي ستقدم في هذا المحور الهام، والذي كما قلت: حديث المحافل والقنوات.
ــــــــــــــــــ
رؤية فقهية للاعلان العالمي لحقوق الإنسان ـ أحمد مبلغي

تبحث الورقة محورين: تقسيم حقوق الإنسان والعلاقة المراتبية بينها،وحقوق لإنسان من منظورالفقه.
وحول تقسيم حقوق الانسان اقترحت الورقة أن تقسم إلى الأقسام التالية: الحق الذي كبنية تحتية لسائر الحقوق وهو حق الكرامة، والحق الذي يتم بتحققه تحقق الكيان الشخصي للفرد وهوحق الحياة.
والحقوق التي يتوقّف على تحققها تحقق واستقرار شخصية الفرد. وهي على ثلاثة أقسام: الحقوق التي تتحقق بها النواة الأصلية والأولية لشخصية كل فرد؛ وهي حق الإرادة (حق الاختيار) وحق التعقل (حق التفكير)، وهذان الحقان تتشعب منهما حقوق على المستوى الاجتماعي، والحقوق التي تتحقق بها الحياة الخاصة لكل فرد ؛وهي الحقوق التي تجمعها الحياة الخاصة للفرد، والحقوق التي تتحقق بها الحياة العامةلكل فرد؛ وهي على أقسام متعددة ومتنوعة كالآتي:
الحقوق التي للفرد في مجال الفكر والاعتقاد، والحقوق التي للفرد فيم جال العلاقة بالقانون، والحقوق الاقتصادية للفرد، والحقوق السياسية للفرد، والحقوق القضائية للفرد.
والورقة حاولت إثبات أن الكرامة التي يقول بها الإسلام كرامة ذاتية للإنسان، وحاولت مناقشة القول القائل بكونها منحصرة بالمؤمنين. كما أشارت إلى أن الآية الشريفة “إن أكرمكم عند الله أتقاكم” ناظرة إلى الكرامة الكمالية التقربية، ومثل هذه الكرامة ليست معياراً لتنظيم الكرامة الحقوقية الاجتماعية، بينما الآية: “ولقد كرمنا بني آدم ..”) ناظرة إلى الكرامة التكوينية التي هي الأساس والمعيار في اعتبار وتنظيم الكرامة الاجتماعية الحقوقية.
كما قد رأت الورقة أن حق الإرادة وحق التعقل،هما الأساسان اللذان تتكون بهما شخصية الإنسان، وبفقدانهما يفقد قيمته وحيويته وجوهره الإنساني، والدين تابع نشاطه وحضوره في المجتمع الإنساني عبر التركيز على تقوية حضور ونشاط هاتين القوتين في الإنسان.
وحول نظرة الفقه إلى الحياة الخاصة قد ذكرت الورقة مجموعة من الأحكام وردت في الفقه تبنّت هذا الاحترام، مشيرة إلى أن الحياة الخاصة لو لم تحترم فينعكس ذلك على المجتمع انعكاساً سلبياً ويسبب فساده حسب ما يستفاد من الروايات.
وحول الحقوق المرتبطة بالفكروالاعتقاد، رأت الورقة أن الإسلام طرح حريات أربعة كي تستقر في المجتمع، وهي: الحرية في الرأي والحرية في إبداء الرأي الحريّة في الاستماع إلى الرأي والحرية في متابعة الرأي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(العدالة الإجرائية فى الفقه الاسلامى) ـ أحمد عوض هندى
يقول الباحث : ان إن العدل الذى يتمثل فى إعطاء كل صاحب حق حقه فى وقت مناسب، هو من أهم مقاصد الشريعة الاسلامية بل هو المقصد الذى تدور حوله عامة أحكام التشريع الاسلامى أو أصوله، فالعدل عماد الشريعة (كما أن التوحيد عماد العقيدة) . وبدون العدل يشعر الأفراد بالظلم مما يدفعهم إلى الحقد على غيرهم وعدم احترام النظام والقانون فى المجتمع ويكون ذلك سبباً قوياً لانهيار النظام والأمن فى أى دولة.
وللعدالة صور كثيرة، ومن أهم صورها العدالة الموضوعية (العدالة فى حقوق أفراد المجتمع ، بحيث لا يحصل فرد على أكثر أو أقل من حقه) ، والعدالة الاجرائية (قواعد اجرائية تكفل حماية حقوق الأفراد إذا تم الاعتداء عليها . حيث لا تكفى القواعد الموضوعية لقيام العدالة وإنما يجب أن تكون هناك قواعد تنظم ولقد اهتم الفقه الاسلامى بقواعد العدالة الاجرائية ، وأرسى مبادئ عديدة تضمن حصول صاحب الحق على حقه من خلال تنظيمها لإجراءات التقاضى أمام المحاكم فى الدولة . وقد انتقلت هذه المبادئ الاجرائية (التى تضمن تحقيق العدالة الاجرائية) من الفقه الاسلامى إلى العالم الغربى (من خلال المغرب والاندلس) الذى كرس هذه المبادئ وحرص على احترامها لأنها تكفل حق الانسان فى العدالة.
ومن أهم هذه المبادئ مبدأ المواجهة “يجب أن تتخذ جميع الاجراءات فى مواجهة الخصوم (أطراف الدعوى) بحيث يعلمون بها عن طريق اجرائها فى حضورهم ، وهو ما يوجب تمكين الخصم من الحضور أمام القضاء لإبداء دفاعه وسماع وجهة نظره، وهو ما تقتضيه العدالة (عدم جواز الحكم على إنسان دون سماع أقواله) وهو الأمر الذى حرص عليه الفقه الاسلامى، بتأكيده أن القاضى لا ينبغى له أن يجيب أحد الخصوم فى غيبة الخصم الآخر، ففى مؤلفات الفقه الاسلامى المختلفة حرص وتأكيد على هذا المبدأ وتوضيح لمظاهره وجزاء مخالفته، استناداً إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعلى ابن ابى طالب – قاضيه على اليمن .. لا تقضين لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه احرى أن تبين لك القضاء وتعلم الحق، وورد عن عمر بن الخطاب قوله “إذا سمعت حجة الآخر بان القضاء”.
ومن هذه المبادئ الاجرائية الهامة كذلك مبدأ المساواة، الذى يجب أن يراعيه القاضى، ففى رسالة القضاء لعمر بن الخطاب إلى قاضيه ابى موسى الاشعرى “آس بين الناس فى مجلسك ووجهك وعدلك حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ولا يطمع الشريف فى حيفك” وحرص القضاء الاسلامى على المساواة بين الخصمين فى الجلوس والإقبال والإشارة والنظر لا فرق فى ذلك بين الكبير والصغير والخليفة والرعية والمسلم والذمى والكافر ، فالشريعة الاسلامية لا تفرق بين الناس أمام القضاء ، وتحيطهم جميعاً بذات الضمانات وهو ما حرص الفقه الاسلامى على اختلاف مذاهبه على التأكيد عليه وتفصيله .
كذلك كفل الاسلام حق الخصوم فى الدفاع، فحق الدفاع فى الاسلام من المسلمات ، حيث لكل من المدعى والمدعى عليه أن يقدم حججه ودفاعه مع تفنيده لحجج خصمه، وعلى القاضى أن يساوى بينهما فى حق الدفاع وعليه أن يوسع على الخصوم ويمهلهم ولا يتعجل بالحكم ويعطيهم الوقت الكافى لإعداد دفاعهم وحججهم ، والاستعانة بالشهود، وكذلك حقهم فى الاستعانة بوكيل يدافع عنهم (محام) خاصة مع تعدد القوانين وتعقد القضايا .
ومن أهم المبادئ الاجرائية التى حرص عليها الفقه الاسلامى كذلك مبدأ العلانية ، حيث كان القضاء علنياً ، يحضره عامة الناس ولا يقتصر على الخصوم فقط وأهل العلم . وكانت جلسات القضاء تعقد فى منزل الحاكم أو القاضى أو فى المسجد لدفع القاضى بالاهتمام بعمله ويضفى نوعاً من رقابة الشعب على القضاء . كما أن الفقه الاسلامى أجاز أن يكون التقاضى على درجتين ، أى أنه بعد أن يفصل القاضى فى الدعوى يجوز للمحكوم عليه أن يتظلم من حكمه أمام قاضى أعلى درجة ، وأكثر خبرة وأكبر سناً لتدارك وإصلاح ما قد يكون قد وقع فيه قاض أول درجة من خطأ ، حرصاً على تحقيق العدالة، وهو ما استقاه الفقه الاسلامى من حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): “إنما أنا بشر مثلكم .. اقض على نحو ما اسمع .. فمن قضيت له بشيء من حق اخيه فلا يأخذ منه ..” فالحكم من عمل البشر، الذى قد يخطئ، فيجب تصحيح هذا الخطأ من خلال التظلم أو الطعن .
كذلك حرص الفقه الاسلامى على حسن اختيار القاضى ، الذى يحقق العدل ، فكان يتم اختيار اصلح الناس لتولى القضاء باعتبار أن القضاء أمانة يجب أن يتولاها الاكفاء والأصلح دون توريث ، فيجب أن تتوافر فى القاضى شروط انعقاد الولاية ولعل أهمها العدالة ، بجانب العلم .
وإذا كانت هذه المبادئ الاجرائية التى تضمن تحقيق العدالة أمام القضاء قد ازدهرت بفضل الفقه الاسلامى فإن الأولى بالدول الاسلامية بأن تسعى للأخذ بهذه المبادئ وان تطبقها وان تعمل على تبسيط اجراءات التقاضى لسرعة حصول صاحب الحق على حقه، ولا مانع فى ذلك من استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة فى اجراءات التقاضى ، فلا تتعارض فى شيء مع الشريعة الاسلامية ، كما أنه يجب على الدول الاسلامية العمل على تخصص القضاة ، فتلك ضرورة عصرية لتحقيق العدالة ولحسن سير القضاء كما يجب الاهتمام بوجود ديوان للمظالم (نظام اسلامى النشأة) فى مختلف الدول الاسلامية للمساعدة فى رفع الظلم عن الناس.

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى