جنيف ـ وكالات:
صرح المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين أمس الاثنين ان معاملة أقلية الروهينجا المسلمة في بورما تشكل “نموذجا كلاسيكيا (لعملية) تطهير عرقي”. وقال المفوض السامي في افتتاح الدورة السادسة والثلاثين لمفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان في جنيف “بما ان بورما رفضت دخول المحققين (التابعين للامم المتحدة) المتخصصين في حقوق الانسان، لا يمكن انجاز تقييم الوضع الحالي بشكل كامل، لكن الوضع يبدو نموذجا كلاسيكيا لتطهير عرقي”. وكان مجلس حقوق الانسان شكل في 24 مارس “بعثة دولية مستقلة” للتحقيق في الممارسات التي يبدو ان افرادا من الجيش ارتكبوها ضد اقلية الروهينجا المسلمة، لكن بورما لم تسمح لهؤلاء الخبراء بالتوجه الى المكان. وتعاني أقلية الروهينجا التي تضم نحو مليون شخص وتعد أكبر مجموعة بلا جنسية في العالم، منذ عقود للتمييز في بورما حيث اغلبية السكان من البوذيين. وبدأت دوامة العنف الجديدة في 25 أغسطس عندما شنت الجماعة المتمردة سلسلة من الهجمات على مراكز للشرطة في ولاية راخين، رد عليها الجيش بحملة عسكرية واسعة النطاق تعرض خلالها المدنيون الروهينجا لفظاعات على ايدي العسكريين وميليشيات اتنية مناوئة للاقلية المسلمة. وقال المفوض السامي ان “هذه العملية (…) غير متكافئة ولا تقيم وزنا للمبادىء الاساسية للقانون الدولي”. وأضاف “تلقينا تقارير عديدة وصورا التقطت بالاقمار الاصطناعية لقوات الامن وميليشيات محلية تحرق قرى للروهينجا، ومعلومات تتمتع بالصدقية حول اعدامات خارج اطار القضاء بما في ذلك اطلاق النار على مدنيين فارين”. وأعلن متحدث باسم الامم المتحدة أمس الاثنين ان عدد الروهينجا المسلمين الذي فروا من اعمال العنف في ولاية راخين البورمية ودخلوا بنجلادش منذ 25 اغسطس بلغ 313 الفا. وقال جوزف تريبورا المتحدث باسم مفوضية الامم المتحدة للاجئين لوكالة فرانس برس ان “نحو 313 الفا من الروهينجا وصلوا الى بنغلادش منذ 25 اغسطس”. من جهته دعا الدالاي لاما الزعيم الروحي لبوذيي التيبت المسؤولة البورمية اونج سان سو تشي الى ايجاد حل سلمي لازمة الروهينجا، معبرا عن قلقه من اعمال العنف التي دفعت حوالى 300 الف شخص الى الهرب. وقال الدالاي لاما في رسالة موجهة الى وزيرة الخارجية البورمية التي تدير الحكومة فعليا، واطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية “ادعوكم انت وزملاءك الى مد اليد الى كل مكونات المجتمع لمحاولة اعادة العلاقات الودية بين السكان بروح سلام ومصالحة”. وتصاعد التوتر الديني في بورما على ما يبدو امس الاثنين بعد أعمال العنف في ولاية راخين التي أدت إلى هجرة نحو 300 ألف من الروهينجا المسلمين مما دفع الحكومة لتعزيز الأمن عند المعابد البوذية. وقال مفتي سليمان وهو إمام مسجد في بلدة تاونج دوين جي إن نحو 70 شخصا مسلحين بالعصي والسيوف هددوا بمهاجمة المسجد وهم يهتفون “هذه بلادنا وأرضنا”. وأضاف لرويترز عبر الهاتف من داخل المسجد “أطفأنا أنوار المسجد وتسللنا إلى الخارج”. وقالت الحكومة في بيان إن المسلحين تفرقوا بعدما أطلقت الشرطة الأعيرة المطاطية. وانتشرت شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن المسلمين الذين يمثلون نحو 4.3 بالمئة من سكان بورما، وعددهم 51.4 مليون نسمة أغلبهم بوذيون، سينفذون هجمات في 11 سبتمبر للثأر للروهينجا في شمال راخين. ودفعت هجمات شنتها جماعة جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان على مواقع للشرطة وقاعدة للجيش يوم 25 أغسطس الجيش إلى شن هجوم مضاد كما أدت إلى هجرة جماعية للقرويين إلى منطقة كوكس بازار بجنوب بنجلادش. وتزعم بورما إن قواتها الأمنية تقوم بعمليات تمشيط في مواجهة الجماعة التي تصفها الحكومة بأنها تنظيم إرهابي. ويقول مراقبون لحقوق الإنسان وروهينجا فارون إن الجيش وحراسا بوذيين في راخين شنوا حملة إحراق بهدف طرد الروهينجا الذي يقدر عددهم بنحو 1.1 مليون نسمة. وذكرت صحيفة (ميانمار تايمز) أن السلطات عززت إجراءات الأمن في منطقة ماندالاي هيل التي تشرف على مدينة ماندالاي حيث يوجد عدد كبير من المعابد البوذية.
وعبر مسلمون في تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي اطلعت عليها رويترز عن مخاوفهم من مهاجمة مساجد أخرى ودعوا إلى تعزيز إجراءات الأمن. وأشارت التدوينات إلى أن كبراء الطائفة المسلمة حثوا الناس على ضبط النفس. وتأجج التوتر بين البوذيين والمسلمين منذ مقتل العشرات وتشريد عشرات الآلاف في اشتباكات دينية تزامنت مع بدء تحول البلاد إلى الديمقراطية عامي 2012 و2013. ورفضت بورما أمس الأحد وقفا لإطلاق النار أعلنته جماعة جيش إنقاذ الروهينجا في أراكان للسماح بتوصيل المساعدات إلى آلاف النازحين في شمال راخين وقالت إنها لن تتفاوض مع إرهابيين. ويعيش آلاف الروهينجا في الولاية الواقعة بشمال غرب بورما دون مأوى أو غذاء وما زال الكثيرون يحاولون اجتياز الجبال والأحراش وحقول الأرز للوصول إلى بنجلادش. ولا يزال آلاف اللاجئين الروهينجا عالقين في بورما على ضفة نهر ناف الذي يفصل بين البلدين وقال مراقبون ومصادر بالمنطقة لرويترز إن معظم النازحين موجودون بشكل أساسي في بلدة ماونجداو. وقال أحد سكان ماونجداو لرويترز عبر الهاتف إن النيران أضرمت في نحو 500 منزل جنوبي البلدة في ساعة مبكرة من صباح امس الاثنين.
المصدر: اخبار جريدة الوطن