تقرير “موديز” يتوقع تقلص العجز المالي للسلطنة ونمو الناتج المحلي
ـ تراجع العجز يعطي دفعة إيجابية للعديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية ويساعد على استقرار النظرة المستقبلية للاقتصاد الوطني
ـ توقعات الأداء تمنح الثقة للمستثمرين الأجانب وتعزز قدرة الحكومة الائتمانية وتصنيفها العالمي
ـ الرسوم التي فرضتها الحكومة يجب أن يقابلها تسهيل الإجراءات والسرعة في إنجازها
كتب ـ يوسف الحبسي ـ هاشم الهاشمي ـ ماجد الهطالي:
أشار تقرير وكالة موديز لجهود السلطنة في احتواء الآثار الناجمة على انخفاض أسعار النفط والخطوات المبذولة لتنويع مصادر الدخل عبر مجموعة من المشاريع الاقتصادية والواعدة.
وتوقعت وكالة موديز (إحدى أهم وكالات التصنيف الائتماني في العالم)، تقلص العجز المالي للسلطنة بدرجة كبيرة ليصل إلى 1ر3 مليار ريال عماني في نهاية العام الجاري، وذلك بدلا من توقعات سابقة بعجز يقدر بـ 5 مليارات
ريال عماني. كما توقعت الوكالة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسلطنة 1ر2% سنوياً في المتوسط على مدى الفترة من 2016 إلى 2020.
وقالت الوكالة في تقرير لها إن تصنيف السلطنة البالغ “Baa1″ يوازن بين ثروتها الكبيرة ومركز صافي الأصول الحكومية وبين التحديات الناشئة عن اعتمادها الكبير على النفط.
وأشارت إلى أن النظرة المستقبلية المستقرة ترجع إلى توقع متانة التصنيف الائتماني للسلطنة على مدى الاثني عشر إلى الثمانية عشر شهراً المقبلة وتشير إلى توازن الضغوط الصعودية والنزولية.
“الوطن الاقتصادي” التقى عددا من المسؤولين ورجال الأعمال لتسليط الضوء على ما جاء في التقرير وجهود السلطنة في احتواء أزمة تراجع أسعار النفط حيث قال الدكتور سعيد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العماية: إن توقعات وكالة موديز حول تقليص العجز المالي للسلطنة بدرجة كبيرة إلى 1ر3 مليار ريال عماني العام الجاري يعد مؤشرا مهما، حيث إن الدول تحسب له حسابا، خاصة أن هذا التقرير صادر من مؤسسة مالية معروفة، مضيفا أن التقرير المالي الصادر من صندوق النقد الدولي أشار إلى الاداء الجيد لاقتصاد السلطنة خلال العام الحالي مع تراجع حجم العجز.
وأضاف الصقري: أن الحكومة قامت بترشيد الإنفاق من ناحية وإعادة النظر في آلية الإنفاق وكذلك تخفيض المباشر في الموازنات خلال الأعوام الأخيرة، حيث طالبت وزارة المالية من الجهات الرسمية بتخفيض موازناتها المالية جراء انخفاض أسعار النفط، وبين أنه من ضمن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة رفع الدعم عن المحروقات وأيضا تطبيق تعرفة جديدة على كبار المشتركين في القطاع الحكومي والصناعي والتجاري ورفع الضرائب واستحداث ضريبة القيمة المضافة ورفع ضريبة الشركات، مضيفا أن الحكومة ستستمر في سياسة الاقتراض سواء من البنوك المحلية أو البنوك العالمية والسحب من الصندوق الاحتياطي العام للدولة لتغطية العجز المالي، مشيرا إلى أن استحداث الحكومة ضريبة القيمة المضافة ليست كافية لتغطية الإنفاق،وأن هناك ضرورة ملحة لإيجاد نوع من التوزان ما بين الإيرادات والنفقات.
وأكد الدكتور سعيد الصقري أن الرسوم التي فرضتها الحكومة تعد ضرورية ولكن في المقابل لا بد على الحكومة من تسهيل الإجراءات والسرعة في انجازها والقضاء على الإجراءات البيروقراطية، حيث يعد هذا كفيلا بتغطية تكلفة ارتفاع الرسوم سواء على العمل التجاري أو العمل الخاص.
تطور ايجابي
قال سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن، رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى: إن توقعات موديز منطقية إلى حد ما، لأن السلطنة قررت في موازنة عام 2016 نفقات قدرها 11.9 مليار ريال وإيرادات قدرها 8.6 مليار ريال، وقد تم احتساب الموازنة العامة على أساس سعر 45 دولارا، لكن المتوسط العام لسعر النفط العام الماضي كان 39 دولارا، مما رفع العجز من 3.3 مليار ريال عماني إلى 5.7 مليار ريال عماني في نهاية عام 2016.
وفي العام الجاري بنيت الموازنة الحالية كذلك على نفس سعر البرميل للعام المنصرم على 45 دولارا للبرميل، ولكن أسعار النفط منذ بداية العام الجاري ظلت تحوم حول الخمسين دولارا ( يعني أكبر من السعر التي بنيت عليه الموازنة)، وإذا استمرت أسعار النفط في هذا الاتجاه وهو المتوقع بناء على الكثير من المعطيات الاقتصادية والجيوسياسية الإقليمية فإن العجز الفعلي نهاية 2017 سيكون قريبا من العجز الدفتري المتوقع في الموازنة الحالية في حدود 3 مليارات ريال، وهذا يعني أن العجز العام في 2017 سينخفض مقارنة بالعام الماضي وهو بحد ذاته تطور في الاتجاه الصحيح مما يعطي دفعة إيجابية للعديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية، كما يساعد على استقرار النظرة المستقبلية للاقتصاد الوطني.
سببان
وقال المكرم الدكتور سعيد بن مبارك المحرمي، عضو مجلس الدولة، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس: إن انخفاض العجز في الموازنة العامة للدولة جاء نتيجة لسببين رئيسيين أولاً أن الميزانية العامة للدولة للعام الجاري وضعت 45 دولاراً للخام العماني وسعر النفط إلى الآن أكثر من ذلك، ولم يصدر متوسط السعر للربع الأول من العام، لكن يبقى هو أكثر من 45 دولاراً، وثانياً مساعي وزارة المالية من خلال التعاميم والمنشورات المالية المختلفة ساعدت نوعاً ما في تقليل المصاريف والتكاليف.
وأشار إلى أن تراجع العجز يعطي مؤشرا جيدا للاستثمار الأجنبي، والحكومة تعطي مؤشرا معينا وهي رسالة داخلياً وخارجياً أن الحكومة استطاعت خفض العجز بنسبة تقارب من 38% وهذا مؤشر ممتاز للمستثمر من حيث قدرة الحكومة التحكم في المصاريف بشكل عام .. مطالباً بالاستثمار في المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية وتأجيل المشاريع ذات الطابع الاجتماعي، وربما تأجيلها لمدة عامين، والأولوية للمشاريع الاقتصادية التي تساهم في توظيف الأيدي العاملة الوطنية.
وقال سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن، رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى: إن توقعات موديز منطقية وقراءة صحيحة للواقع، لأن العجز في موازنة عام 2016 احتسبت الموازنة على سعر 45 دولارا لبرميل النفط، لكن المتوسط العام لسعر النفط كان 39 دولارا في العام الماضي، مما رفع العجز المتوقع من 3 مليارات ريال عماني إلى 7ر5 مليار ريال عماني في عام 2016، وفي العام الجاري بنيت الموازنة الحالية على نفس سعر البرميل للعام المنصرم على 45 دولارا للبرميل ، وأسعار النفط منذ بداية العام الجاري كانت في حدود الخمسين دولارا، وإذا استمرت على هذا النهج وهو المتوقع فإنه سيؤدي إلى خفض العجز في الموازنة وسيصل ربما إلى 3 مليارات ريال عماني وهو مقارب للعجز الدفتري المتوقع، وهذا بحد ذاته تطور إيجابي في انخفاض العجز من 2016 إلى 2017 وقد يعطي بعض المؤشرات الإيجابية واستقرار في النظرة المستقبلية.
التنويع الاقتصادي
وقال الدكتور سالم بن سليم الجنيبي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان فرع محافظة الوسطى إن السياسة الاقتصادية لحكومة السلطنة رسمت لكي تكون مرنة وناجحة مع مختلف التقلبات التي تشهدها الاسواق العالمية سواء بانخفاض اسعار النفط أو ارتفاعها، وإن ما اشار إليه تقرير مؤسسة التصنيف الدولية ( موديز) من توقعات هو دليل على السياسة الناجحة التي تتبعها الحكومة في مختلف القطاعات.
وأضاف الجنيبي: إن توجهات الحكومة في التنويع الاقتصادي واضح وملموس من خلال اتباعها العديد من الإجراءات واقتراحها للعديد من المبادرات، ومن بينها برنامج “تنفيذ” الذي شهدناه مؤخرا إلا رزمة من الحلول التي يمكن أن تطرح لتفعل القطاعات الاقتصادية والاستثمارية بالسلطنة، حيث إن المرحلة القادمة هي مرحلة عدم الاعتماد على النفط والغاز بل مشاركة كافة القطاعات الاستراتيجية في تعزيز الناتج المحلي ورفد الاقتصاد الوطني.
وأوضح الدكتور سالم إن ما اتخذته الحكومة من اجراءات لمواجهة آثار الازمة المالية التي يشهدها العالم اصبح يحقق نتائج إيجابية، وذلك ما دعا مؤسسة دولية ان تتوقع نجاحها في تقليص عجزها المالي.
وقال الجنيبي: ما أود الاشارة إليه ان الحكومة الرشيدة تتخذ اجراءات من شأنها ان تحقق الصالح العام للوطن والمواطن، كما علينا ان ندرك بأننا يجب ان نقف صفا واحدا كعادتنا حكومة وشعبا لمواجهة كافة الأزمات، وان ننظر بأن هذه الموارد والاستثمارات هي ملك للوطن سنستفيد منها جميعا وتستفيد منها الاجيال القادمة.
المشاريع التنموية
وقال الدكتور ناصر بن راشد المعولي، مدير مركز البحوث الإنسانية والأستاذ الاقتصادي المساعد بجامعة السلطان قابوس: إن توقعات موديز بتقليص العجز يبعث رسائل إيجابية سواء لصناع القرار أو المستثمرين الأجانب، وتخفيض العجز يساهم في تخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى أهميته في دفع الحكومة إلى الاستمرار في تنفيذ المشاريع التنموية المختلفة في السلطنة نتيجة الثقة المالية، كما أنه يمنح ثقة للمستثمرين الأجانب في قدرة الحكومة على تجاوز هذه الأزمة وقدرتها على الاستقرار في قدرتها الائتمانية وتصنيفها العالمي الائتماني.
وأشار إلى أن هذه التوقعات تدفع خطط ومشاريع برنامج “تنفيذ” والخطة الخمسية التاسعة إلى المضي قدماً في المرحلة المقبلة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن