احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / إعادة الحياة لسوق المضيرب التاريخي بالقابل والذي يعود تاريخه لأكثر من 600 عام

إعادة الحياة لسوق المضيرب التاريخي بالقابل والذي يعود تاريخه لأكثر من 600 عام

■ الأهالي يأملون فـي عودة الحياة التجارية للسوق يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع
■ السوق يعبر عن الموروث الحضاري والثقافـي الذي يمثله قديما والرغبة فـي استمراره

القابل ـ من علي بن عبدالله الحارثي:

في حياتنا القديمة والحديثة أماكن وأحداث عزيزة علينا نفضل الاحتفاظ بها وكل فترة ننتفض التراب عنها لنعيدها إلى ما كانت عليه وإحياؤها في النفوس والعقول لتظل الأجيال تلو الأجيال تتعاقب الاهتمام بتلك الذكريات الجميلة وهنا في مدينة المضيرب التابعة لولاية القابل بمحافظة شمال الشرقية اختار الأهالي معلما قديما من معالم المدينة لينفضوا التراب عنه وإعادة الحياة إليه بكل تفاصيلها، فكانت هذه الملحمة التي اختار لها الشباب شعار مبادرتهم مجتمع مضيرب الفاعل حيث قام أهالي المدينة صباح أمس وعلى مدار يوم كامل بكافة فئاتهم بالتوجه نحو السوق القديمة ومحاولة إعادة إحيائه بالجهود الذاتية ضمن مبادرتهم والتي اعتادوا إقامتها بشكل سنوي وتهدف إلى التشجيع على التكاتف والتكافل الاجتماعي لمزيد من التلاحم والترابط بين أبناء المجتمع فيما يعود بالنفع على جميع قاطني هذه المدينة العريقة، وكذلك نشر ثقافة العمل الخيري والتطوعي، والتوعية بأهمية المحافظة على المقدرات والمكتسبات الوطنية التي تحققت في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والاعتزاز بالموروثات التاريخية والحضارية والثقافية التي تشتهر بها المدينة، والشكر على النعم التي أنعم بها الله عز وجل على هذه المدينة العريقة مثل الأفلاج، والعيون، والطبيعة الخلابة المتنوعة، وغيرها من النعم.

Screen Shot 2017-04-07 at 9.02.58 PM

سوق المضيرب التاريخي

وقد كان الاعتزاز بالموروث الحضاري والثقافي سمة مميزة للنسخة الثالثة من المبادرة والتي تميزت عن سابقاتها بإنجاز عدد من المشاريع ذات الصلة بهذا الجانب الحيوي ؛ لعل أبرز هذه المشاريع الحيوية هي أعمال الصيانة والترميم للمحلات التجارية التابعة لسوق المضيرب التاريخي حيث بدأت الاستعدادات وجمع التبرعات المالية والعينية لهذا الغرض مبكرا وتواصل العمل الدؤوب لأهالي المضيرب على مدار الأيام الماضية ليكون التاريخ المحدد للمبادرة بمثابة تدشين للسوق ، فقد بادر أهالي المضيرب لترميم وصيانة المحلات التجارية باستخدام خامات من البيئة مثل الدعون وجذوع النخيل والسعف والليف والطين والجص بما لا يؤثر على الطابع التاريخي للسوق ، كذلك تم تجهيز منطقة بيع الهريس والحلوى العمانية لاستقبال الزبائن الراغبين في تذوق المأكولات الشعبية والتي يتم إعدادها بالطرق التقليدية عن طريق الأفران المبنية بالجص.

Screen Shot 2017-04-07 at 9.02.48 PM

ويهدف أهالي المضيرب من وراء هذا الإنجاز الكبير إلى إعادة نشاط السوق إلى سابق عهده ويطمح الأهالي بأن يستمر السوق في استقبال الباعة والمتسوقين خلال يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع في قادم الأيام ، كما أن إعادة ترميم السوق تعد من العوامل المعززة لزيادة إقبال السائحين سواء من داخل السلطنة أو خارجها للمضيرب وبالتالي الاطلاع على ما تزخر به من معالم ثقافية وتاريخية خصوصا وأن السوق تحيط به القلاع والأبراج من كافة الجهات ويعود تاريخ السوق لأكثر من 600 عام بحسب روايات كبار السن حيث تهدمت أجزاء كبيرة منه مع الزمن بفعل العوامل الطبيعية، ونتيجة للتوقف الطويل عن ممارسة النشاط التجاري في هذا السوق القديم الذي كان يعد واحدا من أشهر الأسواق على مستوى السلطنة ويستقطب الباعة والمتسوقين من شتى ولايات محافظتي شمال وجنوب الشرقية وتقام عليه هبطات العيدين سنويا حتى وقتنا الحاضر وتشهد هذه الهبطات نشاطا كبيرا نظرا لأنها تقام في هذا السوق التاريخي الهام الذي يصعب أن يفارق ذاكرة أهالي المنطقة وخصوصا كبار السن منهم، وقد دفعت إعادة ترميم وصيانة السوق العديد من كبار السن إلى إحياء بعض الحرف التي كانوا يمارسونها في الماضي مثل بيع الحلوى وصناعتها وكذلك بيع الهريس واللحوم الطازجة وغيرها من الحلويات، كما شجع ذلك على فتح منافذ لتسويق المنتجات المنزلية والحرفية والمشغولات اليدوية للشباب والفتيات والأسرة بشكل عام وقد ظهر ذلك جليا عند تدشين السوق.

Screen Shot 2017-04-07 at 9.02.43 PM

إلى جانب تدشين السوق التاريخي بالمضيرب فقد هب الأهالي بمختلف فئاتهم شيبا وشبابا وأطفالا ومن كافة الأحياء بالإضافة إلى العاملين ببلدية القابل من الصباح الباكر إلى نقطة التجمع المحددة في السوق، لتبدأ أولى الفعاليات الصباحية بإقامة معسكر عمل حيث انقسم الأهالي إلى عدة فرق عمل لينتشروا في جميع أحياء المدينة للقيام بحملة نظافة عامة وتشمل إزاحة الأتربة عن الشوارع والطرقات، وكذلك تنظيف السواقي وصيانتها، وتقليم الأشجار، وتنظيف المساجد والمجالس العامة، والقلاع والبيوت الأثرية، وإزالة جردان النخيل الميتة من بعض المواقع ونقلها للتخلص منها بطريقة صحية، واستخدمت في ذلك بعض المعدات الخفيفة والثقيلة، كما أقام أهالي المضيرب مأدبة غداء عامة لأهالي الولاية بعد أداء صلاة الجمعة.
وتواصلت فعاليات مبادرة مجتمع المضيرب الفاعل في نسخته الثالثة خلال الفترة المسائية، حيث أقيمت مسابقة ثقافية تمحورت الأسئلة فيها حول التراث الثقافي الذي تزخر به ولاية القابل بوجه عام ومدينة المضيرب على وجه الخصوص، كما أقيمت بعض الألعاب الشعبية والترفيهية وذلك بالقرب من مصلى العيد وشهدت إقبالا كبيرا من الشباب والأطفال وعقب صلاة العشاء أقيمت في ساحة السوق القديم محاضرة دينية ألقاها الشيخ سالم بن علي النعماني في ساحة سوق المضيرب القديم حيث شهدت المحاضرة إقبالا كبيرا من أهالي ولاية القابل مع تخصيص مكان للنساء.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى