احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / رأي الوطن : الخدمات الأساسية إحدى إضاءات النهضة المباركة

رأي الوطن : الخدمات الأساسية إحدى إضاءات النهضة المباركة

إن توفير الخدمات الأساسية للمواطن أينما كان شكل إحدى الإضاءات المهمة في مسيرة النهضة المباركة التي قادها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ حيث كان الحرص على مد هذه الخدمات في أروع صوره الوطنية، وفي أنبل صور الوفاء بالوعد، فلم تقتصر هذه الخدمات على منطقة دون أخرى، بل إن عدالة توزيعها وبسطها هي التي تقودها، وهو ما بدا واضحًا خلال ما ينوف على ستة وأربعين سنة من عمر النهضة المباركة، حيث أخذت المناطق البعيدة حظها وافرًا، وهو ما هيأ بلادنا لدخول عصر الاستثمار والسياحة من أوسع الأبواب، فقد امتدت يد العمارة والتحديث إلى تلك الأماكن بكل سحرها وتميزها بعد أن كانت مطمورة في مجاهل النسيان، فأخذت تعبِّر عن نفسها في بهاء يأخذ الأنظار، وتتحول إلى مناطق جذب سكاني وسياحي، وبذلك تكتسب ثقلًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا يختلف عما قبل، وهذه النظرة المتكاملة تستنبط تجارب جديدة تكسب المواقع قيمتها، وتتنامى هذه القيمة المادية والمعنوية لأماكن كان البعض يعتقد معدومية قيمتها لمجرد أنها تبعد عن المركز أو الحواضر بضع عشرات أو بضع مئات من الكيلومترات.
إن الخدمات الأساسية المتمثلة في الكهرباء والمياه والصرف الصحي والطرق المسفلتة تعكس حجم المنجز في أي بلد كان، ومن ينظر إلى امتداد هذه الشبكات في بلادنا وربط المحافظات والمناطق السكنية ببعضها بعضًا عبر هذه الشبكات المترابطة، يقف على عظمة الجهود التي بذلتها السلطنة، فكل طريق يتم تعبيده أو إضاءته وكل مدرسة تقوم وكل مسكن يتأهب لاستقبال أسرة جديدة وقد تمتع بخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وحفت من حوله الطرق المسفلتة المنارة، هي كلها بمثابة فتوحات حضارية تتكاثر وتتنامى لتصبح جزءًا من شخصية عُمان الحديثة التي جالت صورها في مخيلة راعي النهضة وموقد جذوة البدء فيها ـ حفظه الله ورعاه ـ ثم جاءت توجيهاته وأوامره السامية لتتحول الصور من المخيلة إلى واقع محسوس نعيشه كحياة يومية، ونعتاد عليه لكننا سنظل نشعر بالامتنان لصاحب هذه النظرة الثاقبة وعاطفة الأبوة والانتماء للوطن التي صنعت من موجودات متواضعة هذا المعلم العصري على أرض عُماننا الحبيبة.
مؤتمر عُمان للطاقة والمياه الذي انطلقت فعالياته أمس الأول ويختتم اليوم والذي تنظمه الهيئة العامة للكهرباء والمياه سلط الضوء على المنجزات الضخمة التي حققتها مسيرة نهضتنا المباركة في مجال خدمات الأساسية، وذلك من خلال الأرقام التي توصف بأنها أرقام لا تكذب وتبتعد عن السرد الإنشائي. فحسب المؤتمر، أصبحت الكهرباء تغطي أكثر من 98% من المناطق الحضرية، حيث بلغت القدرة الإنتاجية للكهرباء بنهاية العام الماضي 2016 حوالي 8000 ميجاواط. كما أنه من المتوقع زيادة الطلب على الكهرباء خلال الأربع السنوات القادمة بمعدل 11% سنويًّا، ولمواجهة الطلب المتزايد للطاقة الكهربائية في شتى مجالات التنمية ولتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال الحيوي فقد فتح له المجال للمساهمة في إنشاء وامتلاك وتشغيل محطات إنتاج الكهرباء في السلطنة، حيث بلغ عدد المشاريع المنفذة أو ضمن المقرر تنفيذها من قبل القطاع الخاص منذ عام 2012 وحتى عام 2019 (12) مشروعًا بتكلفة إجمالية بلغت ما يزيد على (3) مليارات ريال عماني. أما قطاع المياه فلم يكن أقل اهتمامًا من قطاع الكهرباء حيث تطمح استراتيجية الهيئة العامة للكهرباء والمياه إلى تغطية 98% من السكان في السلطنة بالشبكات المائية، وتسعى إلى تحقيقها مع نهاية عام 2040م، ولتحقيق هدف الأمان المائي واستدامته اتخذت الحكومة من تحلية مياه البحر خيارًا استراتيجيًّا لتوفير المياه، ووضعت الخطط الكفيلة بمواجهة الطلب المتزايد بإنشاء محطات تحلية جديدة يجري تنفيذها، مع ربط شبكات نقل المياه ببعضها بعضا، حيث بلغت السعة الإنتاجية لمحطات تحلية المياه (115) مليون متر مكعب يوميًّا، ومن المتوقع زيادة الطلب على المياه خلال السنوات القادمة بمعدل (10%). ولتكملة سلسلة إدارة المياه بعد الاستخدام الآدمي والصناعي بصورة آمنة أسست الحكومة عام 2002م شركة حيا (الشركة العمانية لخدمات الصرف الصحي) وأسندت إليها مسؤولية تطوير وإنشاء وإدارة مرافق الصرف الصحي في عدد من محافظات السلطنة لتنفيذ أحد أضخم المشاريع الهندسية في مجال إعادة استخدام المياه المعالجة، وتقدر كمية المياه المعالجة حاليًّا بالمحطات الموجودة في محافظة مسقط بما يقارب 147586 مترًا مكعبًا يوميًّا من خلال (11) محطة معالجة.
إن الطلب المتزايد على الطاقة والمياه جراء التوسع السكاني الذي يشهد زيادة مطردة يتطلب الاستعداد له بالخطط والمشاريع مع الاعتمادات المالية الخاصة بها، ما يعني أن هذه القطاعات (الكهرباء والمياه والصرف الصحي) تمثل مناخًا استثماريًّا واعدًا، وفرصة مواتية ومناسبة للقطاع الخاص لأن ينخرط فيه ويستغل هذه الفرص المتاحة، مع الاستفادة من الدول التي لها تجارب طموحة وناجحة، وهذا ما أكده مؤتمر عُمان للطاقة والمياه، وكان أحد دوافع تنظيمه.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى