خالد المرهون:
إسهامات الملاح العماني شهاب الدين أحمد بن ماجد أضافت للمعرفة الإنسانية بُعدا آخر، وعززت التاريخ البحري العريق لعمان
متابعة ـ خميس السلطي: الصور ـ المصدر:
شهدت ولاية مرباط أمس أعمال الندوة التاريخية عن أحمد بن ماجد، والتي عنونت بـ “الملاح العماني شهاب الدين أحمد بن ماجد رائد الملاحة البحرية” وذلك بمكتب والي مرباط تحت رعاية معالي الشيخ خالد بن عمر المرهون وزير الخدمة المدنية.
الندوة التاريخية التي نظمتها وزارة التراث والثقافة ممثلة في المديرية العامة للتراث والثقافة بمحافظة ظفار، جاءت بمشاركة عددا من الباحثين والمهتمين بالشأن التراثي والثقافي في السلطنة.
وبهذه المناسبة قال معالي الشيخ خالد بن عمر المرهون: “الملاح العماني شهاب الدين أحمد بن ماجد رائد الملاحة البحرية” أن خلف هذا التاريخ العريض لعُمان ومجدها الأثيل عبر العصور رجالٌ وهبوا أنفسهم وكل غالٍ ونفيس وقدموا التضحيات التي استحقت أن تسجل أسماءهم في كتب التاريخ بماء الذهب, وما شهاب الدين أحمد بن ماجد الذي نحتفي به اليوم إلا واحداً من أولئك الرجال بل رمزاً من رموزهم الذين سادوا البحار لذلك كانت البحار منذ البداية مصدر الإلهام والفخر والاعتزاز ففي شواطئها خط العُمانيين خطوطهم وفي خطوط ملاحتها صاغ العُمانيين أعظم الملاحم وأجمل الملامح وأضاف المرهون: أن أسد البحار أحمد بن ماجد هو نموذج للدور الإيجابي للبّحار العُماني الذي قدم للحضارة علماً غزيراً في مجال البحار نفع به أمته والعالم أجمع, وكان هذا الدور منطلقاً للإسهامات العُمانية في نشر الإسلام بالأخلاق والقدوة الحسنة فقد كان البحارة العُمانيين نموذج للإنسان المُسلم الصادق المتسامح , كما قدمت الأساطيل البحرية الحربية نموذجاً أيضاً لكفاءة البحارة والحرص على أمن واستقرار المنطقة . وأردف معاليه أن دور عُمان البحري الرائد إنما قام على أكتاف رجال مثل “شهاب الدين” الذي طور الأدوات اللازمة لعلوم البحار فاعتمد على البوصلة والمغناطيس كما أعتمد على النجوم والفلك فكان لهذا المزيج العجيب دوراً في ريادة العُمانيين على البحار، والملاح العُماني العربي الأشهر الذي نحتفي به هو واحد من الأعلام العرب الذين عُرفوا بغزارة العلم والتأليف المبني على التجربة والبحث والإبحار في آن واحد, وما هذه الندوة اليوم إلا دعوة صادقة للباحثين والمتخصصين لاقتفاء أثر هذا الفُلك الأشم والاهتداء بخرائطه لسير التاريخ عن أمجاد عُمان ومكانتها بين الأمم .
وتضمنت الندوة عرض فيلم توثيقي يعكس دور الملاح العماني أحمد بن ماجد في الشأن التاريخي العماني وعلاقات عمان بالحضارات القديمة. وألقى أحمد بن سالم الحجري كلمة الوزارة التي أشار فيها أن تنظيم هذه الندوة إسهام متواضع من المديرية العام للتراث والثقافة بمحافظة ظفار ضمن الفعاليات المصاحبة لمهرجان صلالة السياحي للاحتفاء برمز من رموز الملاحة العمانية ألا وهو “الملاح العماني شهاب الدين أحمد بن ماجد: رائد الملاحة البحرية” من خلال 6 أوراق عمل علمية يقدمها باحثون أكاديميون ومؤرخون مختصون، مساهمة منهم وإضافة إلى جهود من سبقهم في تناول سيرة الملاح أحمد بن ماجد وما تركه من ذخيرة علمية نثراً ونظما في علوم البحر المختلفة باعتباره واحداً من العلماء الموسوعيين الذين ذاع صيتهم وشهرتهم.
الإنسان والملاح العالم
وفي الجلسة الأولى ألقى الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي ورقة عمل بعنوان “ابن ماجد الإنسان والملاح العالم” وفي هذه الورقة كشف الهاشمي عن نسب ابن ماجد وحياته، موضحا بالشر دوره الملاحي من خلال مؤلفاته المتعددة حتى أوصلته إلى العالمية وأصبح صيته على مستوى المكتبات العالمية، واتخذت ورقة الهاشمي المنهج الوصفي التحليلي التاريخي، حيث التركيز على شخصية احمد بن ماجد وهويته، إضافة إلى مكانة ابن ماجد العالمية لكونه عالما في الملاحة العربية والبحار الشرقية من خلال مؤلفاته المنتشرة في المكتبات العالمية والدراسات حول شخصيته.
دراسات المستشرقين
أما الدكتور محمد بن ناصر باحجام فقدم ورقة عمل بعنوان “أحمد بن ماجد في الدراسات الاستشراقية”، الذي أوضح أن للمستشرقين أعمالا كثيرة عن ابن ماجد ومن بينها تحقيق مصنفاته ودراسة أعماله، والتوجه بالأبحاث في شخصيته، ولهم ملاحظات إيجابية وأخرى سلبية في عدد من أعماله، ومن بينهم المستشرقون الفرنسيون والروس والإنجليز.
الجغرافيا المكانية
وألقى الباحث سعيد سعيد بن خالد العمري ورقة عمل بعنوان “الجغرافيا المكانية في مؤلفات أحمد بن ماجد الملاحية : موانئ ظفار ومعالمها نموذجا”. وتحدث العمري من خلال ورقته عن الجغرافية المكانية في مؤلفات البحار العماني أحمد بن ماجد متناولا مواني ظفار ومعالمها البحرية المذكورة في مؤلفاته ومن هذه المواني ظفار ومرباط وحاسك وجنجري وساجر ، وذهب الباحث العمري إلى ذكر مواني ظفار في بعض المؤلفات البحرية والجغرافية المعاصرة لابن ماجد والتي نقلت عنه ، كمؤلفات سليمان المهري في القرن الخامس عشر الميلادي ، والوثائق والخرائط البرتغالية في نفس الفترة، إضافة إلى مواني ظفار المذكورة في المرشدات البحرية عند الربابنة العمانيين الذين استفادوا من مؤلفات ابن ماجد وانتموا إلى مدرسته الملاحية ، ومنها مرشدات النوخذه سعيد بن حمد التمامي في القرن التاسع عشر الميلادي ، وكتاب معدن الاسرار في علم البحار لناصر بن علي الخضوري في القرن العشرين الميلادي.
قيمة علمية
وشارك في الجلسة الثانية للندوة الباحث حسين المشهور باعمر بورقة عمل بعنوان “القيمة العلمية لمؤلفات أحمد بن ماجد، الذي استعرض القيمة العلمية لابن ماجد ومصنفاته وأدبياته من خلال استعراض وحصر الأثر المعرفي والعلمي الذي دوّنه، بالإضافة إلى استطلاع الدلالة والقيمة لمؤلفاته في علوم الملاحة والفلك والجغرافيا هذا فضلاً عن إشاراته التاريخية التي حفظت لنا سرداً مقتضباً للملاحة العربية الإسلامية ورواد البحار والأسفار، كما استعرض البحث نموذجاً لمؤلفات ابن ماجد وهو ( الفوائد في أصول علم البحر والقواعد ) والذي وضّح فيه ابن ماجد تاريخ علم البحر والملاحة البحرية بالإضافة إلى العلوم والثقافات التي يجب أن يلم بها ربان السفينة. وخرج الباحث في ختام البحث بعدد من التوصيات أهمها استكمال البحث عن الإرث العلمي لابن ماجد والذي وصل إلى مختلف البقاع والأصقاع، والسعي إلى تحقيق ما هو مخطوط والبحث عما هو مفقود.
أرجوزة حاوية الاختصار
أما الباحث حمود بن حمد الغيلاني فقدم ورقة عمل بعنوان “قراءة في أرجوزة حاوية الاختصار في أصول علم البحار” ، الذي أشار إلى أن أرجوزة حاوية الاختصار في أصول علم البحار من أهم المدونات في علوم البحار لما تحتويه من معارف وفنون البحرية ، وتأتي في المستوى الثاني بعد كتاب أحمد بن ماجد (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد) حيث قدم الغيلاني المنهج الوصفي التحليلي التاريخي من خلال ورقته، متناولا التعريف بأحمد بن ماجد وما قاله الباحثون والدارسون لنتاجاته العلمية، والتعريف بالحاوية ، ومنهجية المعلم الربان أحمد بن ماجد التي اتبعها في التوثيق والتصنيف، والتركيز على منهجية توثيق ما توصل إليه المعلم أحمد بن ماجد في حاوية الاختصار في أصول علم البحار، كما عدد النتائج التي توصل إليها في ورقته.
الدور المؤسساتي
وقدم الباحث خالد بن حمد الرحبي ورقة عمل بعنوان “دور المؤسسات الرسمية في التعريف بأحمد بن ماجد وتراثه العلمي، ومن خلالها تتبع جهود المؤسسات الرسمية في التعريف بهذه الشخصية تاريخيا منذ النهضة العمانية المباركة عام 1970م، وتحليلها من حيث نوع العمل المقدم (تربوي تعليمي، إعلامي) وغيرها والفئات المستهدفة بكل عمل من هذه الأعمال (على المستوى الوطني وعلى المستوى الخارجي)، وطبيعتها من حيث كونها مرئية أم مسموعة أم مقروءة أم عبارة عن تسمية مؤسسات باسم هذه الشخصية أم غير ذلك، كما أوضح الباحث من خلال ورقته على جمع المعلومات من خلال تتبع المصادر المتعددة كالكتب الدراسية والإصدارات الرسمية المختلفة كالمجلات والنشرات والإصدارات المرتبطة بالاحتفالات الرسمية بالأعياد الوطنية أو المناسبات الأخرى، إضافة إلى تتبع الأرشيف الإعلامي للإذاعة والتلفزيون وكذلك المقابلات الشخصية مع بعض المسؤولين القائمين على انتاج الأعمال التي تعرضت لهذه الشخصية.
المصدر: اخبار جريدة الوطن